الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

جزاكم الله عنا وعن كل المسلمين خير الجزاء
قرأت في فتوى سابقة بهذا الموقع المبارك أن الزوجة اذا اعترفت لزوجها بالزنا وإنجابها من هذا الزنا - وهي على ذمته - أنه يجب أن يبادر بنفي نسب هذا الولد باللعان وإلا لحقه الإثم الوارد في الحديث الشريف: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء. مثله في ذلك مثل المرأة. والآن سوف يترتب على قيام الزوج باللعان عدة أمور كالتالي :
1 - أن أهل الزوجة عندما يفتضح أمرها باللعان قد يقتلونها ويبقى ذنبها في رقبة زوجها، وخصوصا عندنا في الريف المصري (( فعندنا في المجتمع الريفي مسألة الزنا عار كبير لايغسله إلا الدم ))
2 - أن أولادها وهم في سن الشباب سوف يلحقهم العار والذل وانكسار نفوسهم ومعايرة الناس لهم، وهذا قد يؤدي إلى ضياعهم وتدمير مستقبلهم
3 - أن الزوج نفسه سيلحقه العار ومعايرة الناس له واتهامهم إياه بأنه مغفل وديوث ولا يعلم عن أهله شيئا.
4 - أن الزوجة أظهرت توبة وتحاول الاستقامة على دين الله والالتزام بالصلاة، وأيضا ارتدت النقاب وتحاول بفضل الله إصلاح حالها
فماذا يفعل الزوج وهو بين أمرين أحلاهما مر:
الأول: أن يقوم باللعان وما قد يترتب عليه من الأمور السابق ذكرها.
الثاني : أن يستر عليها ويعفو عنها لوجه الله ومحافظة على تماسك الأسرة وعدم تفكيكها وضياعها، وإحسانا إليها وإعانة لها على التوبة وفتح صفحة جديدة مع الله عز وجل، وخصوصا وقد أظهرت الندم والتوبة. وفي هذه الحالة سوف يستمر في نسب هذا الولد له وخصوصا أنه قد بلغ من العمر الآن 14 سنة ؟ فهل سيلحق به الإثم الوارد في الحديث الشريف على الرغم من أن نيته تجنب الأمور السابق ذكرها والعفو والستر لوجه الله عز وجل ؟
وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمجرد اعتراف الزوجة لزوجها بالزنا حال الزوجية لا يوجب عليه نفي ولده باللعان، بل هذا الحكم بوجوب نفي الولد باللعان يكون في حال تيقن الزوج من كون الولد ليس منه، كما لو أنجبته المرأة بعد غياب الزوج عنها أكثر من أقصى مدة الحمل، أما إذا أمكن أن يكون الولد من الزوج وكان إمكان كون الولد من الزنا مجرد احتمال فلا يجب عليه نفيه، فالأصل أن من تلده الزوجة على فراش الزوجية ينسب للزوج، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر. متفق عليه.

أما إذا تيقن الزوج من كون الولد ولد زنا وليس ولده فعليه نفيه باللعان لأن انتساب الولد له بغير حق يترتب عليه مفاسد عظيمة في الأعراض والأموال، وما ذكرته من المفاسد المترتبة على قيام الزوج بالملاعنة فبعضه حاصل في الغالب في كل أحوال اللعان، وكل ذلك يؤكد أن جريمة الزنا –ولا سيما من المحصن- جريمة شنيعة، لها آثار سيئة وبعضها ناتج عن الظلم والجهل كما هو الشأن في الاعتداء على الملاعنة أو قتلها، وكذلك تحميل الأبناء جريرة والدتهم، وغير ذلك مما لا يقره شرع ولا عقل.

واعلم أنه يشترط لنفي الولد باللعان أن لا يكون الزوج قد أقرّ به أو صدر منه ما يدل على إقراره بنسبه كسكوته عن نفيه مدة طويلة.

قال ابن قدامة : وإذا ولدت امرأته ولدا فسكت عن نفيه مع إمكانه لزمه نسبه ولم يكن له نفيه بعد ذلك. المغني.
فإذا كنت قد أقررت بنسب ولدك أو تركت نفيه هذه المدة فلا حق لك في اللعان، فاستر على زوجتك وأمسكها بالمعروف، وراجع الفتوى رقم : 40956
نسأل الله العظيم أن يفرج كربك ويذهب همك ويهديك لأرشد أمرك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني