الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحريم النظر للعورات من تحريم الوسائل

السؤال

هل توليد الطبيب لبعض النسوة عند تعسر الولادة وخشية الضرر حرام لغيره، وما يكون حراما لغيره يكون في موضع حلال عند الضرورة أو الحاجة؟ أم أن رؤية العورة حرام لذاتها؟ أرجو بيان الحق في هذه المسألة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال القرافي في الذخيرة: الأحكام على قسمين: مقاصد، ووسائل، فالمقاصد كالحج والسفر إليه وسيلة، وإعزاز الدين ونصر الكلمة مقصد، والجهاد وسيلة، ونحو ذلك من الواجبات والمحرمات والمندوبات والمكروهات والمباحات، فتحريم الزنا مقصد، لاشتماله على مفسدة اختلاط الأنساب، وتحريم الخلوة والنظر وسيلة. اهـ.

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: النظر إلى باطن العورة لا يحل، والمحرمات من الأجنبية على قسمين: منها ما تحريمه تحريم وسائل، ومنها ما تحريمه تحريم غايات، فالقبلة واللمسة ونحو ذلك تبع للجماع تحريمه من تحريم الغايات. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: استقراء موارد التحريم في الكتاب والسنة يظهر أن المحرمات منها ما هو محرم تحريم المقاصد، كتحريم الشرك والزنى وشرب الخمر والقتل العدوان، ومنها ما هو تحريم للوسائل والذرائع الموصلة لذلك والمسهلة له، استقرى ذلك ابن القيم فذكر لتحريم الذرائع تسعة وتسعين مثالا من الكتاب والسنة، فمن سد الذرائع إلى الزنى: تحريم النظر المقصود إلى المرأة، وتحريم الخلوة بها، وتحريم إظهارها للزينة الخفية، وتحريم النظر إلى العورات. اهـ.

فتبين بذلك أن تحريم النظر إنما هو من تحريم الوسائل، وما كان كذلك أبيح للحاجة، قال ابن القيم في روضة المحبين: لما كان النظر من أقرب الوسائل إلى المحرم اقتضت الشريعة تحريمه، وأباحته في موضع الحاجة، وهذا شأن كل ما حرم تحريم الوسائل، فإنه يباح للمصلحة الراجحة. اهـ.
وقال في زاد المعاد: كما يحرم النظر إلى الأجنبية، لأنه وسيلة إلى غيره، وما حَرُمَ تحريم الوسائل فإنه يباح للحاجة أو المصلحة الراجحة، كما يباح النظر إلى الأمة الْمُسْتَامَةِ، والمخطوبة، ومن شهد عليها، أو يعاملها، أو يَطِبُّهَا. اهـ.

وسئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم ذهاب المرأة للطبيب للضرورة عند عدم وجود طبيبة وما يجوز لها أن تكشفه؟ فأجاب بقوله: إن ذهاب المرأة إلى الطبيب عند عدم وجود الطبيبة لا بأس به، كما ذكر ذلك أهل العلم، ويجوز أن تكشف للطبيب كل ما يحتاج إلى النظر إليه، إلا أنه لا بد وأن يكون معها محرم ودون خلوة من الطبيب بها، لأن الخلوة محرمة، وهذا من باب الحاجة، وقد ذكر أهل العلم ـ رحمهم الله ـ أنه إنما أبيح هذا، لأنه محرم تحريم الوسائل، وما كان تحريمه تحريم الوسائل فإنه يجوز عند الحاجة إليه. اهـ.
وقد سبق لنا بيان حكم تداوي المرأة عند الطبيب في الفتوى رقم: 8107.

وبيان شروط جواز توليد الطبيب المرأة في الفتوى رقم: 47114 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني