الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الضمان والتعويض

السؤال

لست أدري إن كان هذا هو المكان الصحيح لتلقي الفتاوى أم لا . و إن كان كذلك فإليكم قصة صديقي الذي يريد حلا أو فتوى لمشكلته التي ظلت عائقا في توبته الكاملة. وإليكم القصة: صديقي كان يعمل في مؤسسة خاصة بالجزائر كان يعمل مسؤولا للمستخدمين، و قد كلفه صاحب المؤسسة بدفع رواتب العمال, و لكن من حين لآخر كان هذا الصديق يأخذ جزءا من المال ( شهريا ) بدون علم صاحب المصنع، وكان يكتب هذا المبلغ في ورقة كي لا ينساه و بنية إرجاعه لاحقا حتى أصبح هـذا المبلغ كبير جدا ( 240 مليون سنتيم )...جزء من هذا المال المسروق دفعه كقسط لشراء سيارة والقسط الباقي من السيارة اقـترضه عن طريق البنك - بفائدة ربوية - والجزء الآخر من المال المسروق دفعه لشراء بيت _ مسكن _ الذي يسكن فيه حاليا مع عائلته وباقي ثمن البيت اقترضه من البنك بفائدة ربوية.... وبعد مرور حوالي سنة , باع صديقي سيارته و خبأ ثمنها ( مبلغ 40 مليون سنتيم ) في المكتب الذي كان يعمل فيه في المصنع، و بعد يومين تمت سرقة المصنع وسرق المبلغ الذي كان في المكتب - سرقه شخص آخر - ( لم يعرف إلى يومنا هذا )...مما أدى بصاحب المصنع أن يشك في صديقي و هو برئ من هذه السرقة، فاستمر الخلاف بينهما مما أدى إلى توقيف صديقي قرابة عامين - 2 سنة - - بدون تلقي أي أجر أو راتب لمدة عامين - و بعد ذلك طرد نهائيا.
عـرضت القضية أمام القضاء الجزائري فتم تعويض صديقي بمبلغ كتعويض عن التسريح التعسفي، و كذلك تعويض عن الضرر المعنوي و المادي ( مبلغ التعويض = 40 مليون سنتيم الذي استلمه نظرا لظروفه المادية ) و لم يتم التعويض عن الأجور المتبقية - أجور و مرتبات عامين كاملين-. ( أجور و رواتب عامين قدرت في ذلك الوقت ب 200 مليون سنتيم ). و كذلك لم يتم التعويض عن ماله المسروق من المكتب ( 40 مليون سنتيم )
صديقي الآن ندم ندما شديدا لما فعله مع صاحب المصنع الذي كان حسن المعاملة معه و الآن هو يريد أن يكمل توبته برد المظالم إلى أهلها. فهو يريد فتوى أو حل لمسألته.
1- فهل يستطيع أن يخصم من المبلغ المسروق حقه من رواتب العامين و الباقي يرسله إلى بنك صاحب المصنع بدون علمه خشية الفضيحة أم ماذا يفعل ؟
2- ما هو مصير ماله الذي سرق من مكتب العمل ؟ هل هو في ضمانة صاحب العمل ؟ هل على صاحب العمل أن يرجعه له ؟ هل يمكن كذلك خصمه من المبلغ الذي سرقه صديقي ؟
3- ماذا يفعل بالسيارة و البيت اللذين اشتراهما بقرض ربوي ؟ مع العلم أنه بعد بيعه لسيارته الأولى اشترى السيارة الثانية بصيغة ربوية لم يعلمها إلا بعد فوات الأوان. (مع العلم كذلك أنه يدفع حاليا الأقساط الشهرية المخصصة للبيت و السيارة). وشكرا. وجزاك الله خيرا فضيلة الشيخ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على صديقك وقد أراد التوبة وحسن ذلك صنعا أن يبادر إلى التحلل من المظالم، فيرد إلى صاحبه الذي كان يعمل معه ما اختسله من المال الذي أمنه عليه وهو (240) مليون سنتيم كما ذكر في السؤال، ويمكنه أن يرسلها على حساب صاحبه ونحو ذلك دون أن يخبره بسببها إذ المعتبر وصول الحق وتمكن صاحبه منه على أنه حقه ولو بطرق غير مباشرة .

وأما المبلغ الذي سرق من مكتبه فلا يضمنه صاحب العمل ولا يجوز تضمنيه إياه، وكذلك مسألة رواتب مدة الفصل وإيقافه عن العمل لا تلزم صاحب العمل ولا يجوز إلزامه إياها لأنه لم يكن يعمل لديه حينها، إلا إذا كان صاحب العمل قد أذن له في الدوام دون أن يسند إليه عملا ولم يسرحه نهائيا، أو فسخ عقد الإجارة بلا عذر قبل نهاية مدة العقد مع تمكين العامل من نفسه في هذه المدة فله أجرة تلك المدة لأنها تثبت بمجرد التمكين من المنفعة. فمتى كان العامل باذلا لمنفعته ممكنا مستأجره من استيفائها ثبتت الأجرة ولو لم يستوف المستأجر المنافع لأنها فاتت على ملكه. قال الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق: الخاص يستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل. انتهى. وجاء في الموسوعة الفقهية: وإذا استوفى المستأجر المنافع، أو مضت المدة، ولا حاجز له عن الانتفاع، استقر الأجر، لأنه قبض المعقود عليه، فاستقر البدل. اهـ.

وأما مسألة التعويض عن الأضرار ما يشرع منها وما لا يشرع فانظر فيه الفتوى رقم 9215.

وأما البيت والسيارة اللذان اشتراهما بقرض ربوي فلا حرج عليه في الانتفاع بهما لأن حرمة القرض تتعلق بذمة آخذه لا بعين ما استهلك فيه، هذا مع التوبة إلى الله تعالى مما أقدم عليه من الاختلاس والمعاملات الربوية، ومن تاب تاب الله عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني