الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شراء البيت بمال الزوجة وكتابته باسم الزوج وتأثير ذلك على قسمة الميراث

السؤال

والدي ووالدتي اشتريا بيتا بمبلغ من المال, وكان هذا المال من نظير شغل والدتي في إعارة إلى دولة خليجية، وكان والدي يرعانا حينذاك، وقد اتفقا على أن يكتب البيت باسم والدي. الآن توفي الاثنان والدي قبل والدتي. فهل يحق لأم والدتي أن ترث 1/6 في هذا البيت على اعتبار أن المال هو من نظير شغل والدتي، أم إنها ترث 1/6 ميراث والدتي من والدي 1/8 من ثمن البيت؟ وإذا تنازلت أم والدتي عن هذا الميراث فهل يحق لأهلها أن يطالبوا به بعد موتها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :

فنسأل الله تعالى أن يعظم أجركم، ويرحم والديكم وجميع موتى المسلمين.

وننصحكم في البداية بالتعامل الحسن مع جدتكم وعدم التشاح معها في التركة، فهي من أولى من ينبغي الحرص على الإحسان إليه بعد وفاة الوالدين.

واعلم أن راتب الزوجة وجميع ممتلكاتها ملك خاص بها، ولا يجوز للزوج أخذ شيء من مالها إلا برضاها وطيب نفسها.

والزوجة لا تتحمل شرعا شيئا من النفقات، بل المسؤولية المالية كلها من نفقة وكسوة وسكنى هي من مسؤولية الزوج وحده مهما كان غنى زوجته وكثرة مالها.

فإذا ثبت أن البيت بني بمال الزوجة وكتبت الزوجة البيت باسم زوجها، فينبغي النظر هل كان ذلك على أنه هبة منها له فيصح ذلك بشرط القبض والحيازة. وراجع في شروط صحة هبة المنزل الفتوى رقم: 144783.

وبناء عليه، فإذا كان الوالد قد قبض وحاز ما كتبته الوالدة باسمه على أنه هبة فإنه بذلك يكون ملكا له، يرثه ورثته ولا شيء لأم الزوجة منه، وإن لم يتم الحوز والقبض المعتبر فيكون تركة يرثه عن الأم وارثوها بما فيهم أمها.

ففي الموطأ: أن أبا بكر وهب لعائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض مرضه الذي توفي فيه قال لها: كنت قد نحلتك عشرين وسقا ولو كنت قبضتيه أو حزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى.

وفي رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحوز.

وأما مجرد كتابة البيت باسم الوالد دون تمليكه له فلا تتم بها هبته له شرعا .

وينبغي الرجوع للقاضي للنظر في ملابسات الأمر وأي الاحتمالات هو الواقع.

والجدة ترث سدس مال بنتها، فإذا ثبت أن البيت للبنت فلها سدسه، وإن ثبت أنه للوالد فلها سدس الثمن فقط، وإذا تنازلت الجدة عن نصيبها في حياتها حال صحتها، واستلم المتنازل له نصيبها في حياتها فقد تمت الهبة وليس لورثتها من بعدها المطالبة بما تنازلت عنه, وإن تنازلت عن نصيبها في مرضها المخوف فإن هذا التنازل يعتبر وصية يمضي في حدود ثلث تركتها فقط. وانظر الفتوى رقم 149121.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية ‘ فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله تعالى أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني