الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في الوفاء بالوعد

السؤال

طلب مني أهل الحي المساعدة في بناء مسجد فقلت لهم عندي قطعة أرض بعد بيعها سوف أساهم بثمنها وقبل بيعها قمت بدفع نصف ثمنها لبناء المسجد وبعد بيع قطة الأرض وجدت أسرة معدمة ليس لها دخل ولا تجد القوت اليومي هل يجوز إعطاؤها باقي ثمن الأرض أو جزءاً منه لتدبير معيشتها أفيدوني و لكم جزيل الشكر.......

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فجزاك الله خيراً على ما تقدم من مال في مساعدة المسلمين وإعمار بيوت الله تعالى، وتقبل الله منك، ولتعلم أن ما صدر منك يعتبر مجرد وعد منك بالمساعدة بثمن القطعة الأرضية في بناء المسجد، والوفاء بالوعد مختلف فيه بين الفقهاء، فالجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة يرون الوفاء به مستحباً، قال السرخسي من الحنفية في المبسوط: "والإنسان مندوب إلى الوفاء بالوعد، من غير أن يكون ذلك مستحقاً عليه" انتهى.
وقال البهوتي من الحنابلة في كشَّاف القناع: "لا يلزم الوفاء بالوعد. نص عليه -يعني الإمام أحمد- وقاله أكثر العلماء" انتهى.
وقال النووي من الشافعية في الأذكار: "قد أجمع العلماء على أن من وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهي عنه، فينبغي أن يفي بوعده، وهل ذلك واجب أم مستحب؟ فيه خلاف بينهم، ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب، فلو تركه فاته الفضل، وارتكب المكروه كراهة شديدة، ولكن لا يأثم" انتهى.
وذهب المالكية إلى أنه ملزم إذا كان بسبب أو دخل الموعود بالوعد في شيء، قال القرافي في الفروق ( الفرق 214) مانصه : "وجه الجمع بين الأدلة المتقدمة التي يقتضي بعضها الوفاء به، وبعضها عدم الوفاء به، أنه إن أدخله في سبب يلزم بوعده لزم، كما قال مالك وابن القاسم وسحنون أو وعده مقروناً بذكر سبب" انتهى.
وقال في موضع آخر : "أما مجرد الوعد فلا يلزم الوفاء به، بل الوفاء به من مكارم الأخلاق" انتهى.
والراجح -والله أعلم- هو قول الجمهور، وبناءً عليه، فإنه لاحرج عليك في صرف بقية ثمن الأرض في غير المسجد، لاسيما إذا ترجحت لديك حاجة هؤلاء المذكورين على حاجة المسجد.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني