الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكافران إن أسلما يقران على نكاحهما دون النظر إلى صفته وكيفيته

السؤال

كنت قد سألت إذا أسلم الزوجان وكانا من أي دين آخر ما حالهما؟ ولم تتضح الأجابة: قلتم بأنه إذا أسلم الزوجان معا أقرا على نكاحهما
أليس النكاح لا بد له ولي وشاهدا عدل؟ فلو قبلت الزواج قبل الإسلام فلأنهم لم يكونوا مسلمين، فكيف بعد إسلامهم لا يلتزمون بشروطه وأركانه؟ أرجو التوضيح في المسألة، وجزاكم الله خيرا وألهمنا صبرا وعلما.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

إذا أسلم الزوجان الكافران معا بقيا على نكاحهما ولا يفسخ إذا لم يوجد سبب يقتضي ذلك ولا يطلب منهما بعد الإسلام تجديد النكاح بأركانه وشروطه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقر الزوجين الكافرين على نكاحهما ولم يأمرهما بتجديد العقد فهذا دليل توقيفي على صحته، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل، جاء في التمهيد: فقدأجمع العلماء أن الزوجين إذا أسلما معا في حال واحدة أن لهما المقام على نكاحهما إلا أن يكون بينهما نسب أو رضاع يوجب التحريم وأن كل من كان له العقد عليها في الشرك كان له المقام معها إذا أسلما معا وأصل العقد معفي عنه، لأن عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا كفارا فأسلموا بعد التزويج وأقروا على النكاح الأول ولم يعتبر في أصل نكاحهم شروط الإسلام، وهذا إجماع وتوقيف. انتهى.

وفي زاد المعاد لابن القيم: فتضمَّن هذا الحكمُ أن الزوجين إذا أسلما معاً فهما على نكاحهما، ولا يُسأل عن كيفية وقوعه قبل الإسلام، هل وقع صحيحاً أم لا؟ ما لم يكن المبطلُ قائماً، كما إذا أسلما وقد نكحها وهي في عِدة مِن غيره، أو تحريماً مجمعاً عليه، أو مؤبَّداً كما إذا كانت محرماً له بنسب أو رضاع، أو كانت مما لا يجوزُ له الجمعُ بينها وبينَ من معه كالأختين والخمس وما فوقَهن.

وفي المغني لابن قدامة: أنكحة الكفار صحيحة يقرون عليها إذا أسلموا أو تحاكموا إلينا إذا كانت المرأة ممن يجوز ابتداء نكاحها في الحال ولا ينظر صفة عقدهم وكيفيته ولا يعتبر له شروط أنكحة المسلمين من الولي والشهود وصيغة الإيجاب والقبول وأشباه ذلك بلا خلاف بين المسلمين. انتهى.

وما دام إقرار نكاح الكافرين بعد إسلامهما تشريع من النبي صلى الله عليه وسلم فالواجب على المسلم الامتثال لهذا الحكم واعتقاد صوابه وألا يختار غيره، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب:36}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني