الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع للمسبوق التأخر عن الدخول مع الإمام إن سمعه يقرأ آية عذاب

السؤال

أود سؤالكم بارك الله فيكم عن أنني قرأت للداعية عمرو خالد أنه قال إن الله سبحانه وتعالى أحيانا يرسل رسائل إلى الإنسان إما ليقول له إن عمله لا يجوز أو ليقول له ارجع إلى ربك، مثل الذي دخل المسجد فسمع الإمام يقول : [ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ].
فقال بلى آن يارب، وأنا هكذا كثيراً أدخل المسجد فأسمع آية عذاب فأذكر ماذا فعلت من المعاصي، أو لا أدخل المسجد إلا أن يذكر الإمام آية رحمة أو أن يركع بسبب أنني لا أريد عذابا من الله وأريد رحمته دائماً، وأحيانا أدخل إلى المسجد فتكون آية رحمة فأسعد جداً وأصلي سريعا مع الجماعة، وأحيانا أدخل المنزل على آيات من الشيخ العفاسي ونفس المشكلة إذا سمعت حسناً فرحت. فما صحة فعلي وكيف أرتاح بأن الله يرضى عني ويرحمني ويريد لي الخير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما تفعله من التأخر عن الدخول مع الإمام إذا سمعت آية عذاب حتى يركع أو يقرأ آية رحمة لا شك أنه فعل خاطئ يصدك عن الخير والمسارعة إلى الصلاة، والدخول مع الإمام فيها على الحال التي تجده عليها كما هي السنة، وينبغي أن يكون سماعك قراءة الإمام لآية العذاب حافزا لك على المبادرة بفعل الخير، لا أن تكون سببا في صدك عن الخير والمبادرة إليه . فإن الله تعالى خوف عباده بهذه الآيات ليحذروا بأسه ونقمته ويسارعوا إلى طاعته فيحسنوا العمل ويبادروا الأجل، فآيات الوعيد كآيات الوعد ينبغي أن تكون حافزا للصادقين في محبة الله تعالى الحريصين على مرضاته في أن ينافسوا في الخيرات ويفروا من الله تعالى إليه فإنه لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه. والقرآن قد أنزله الله بصائر وهدى للناس يبصرون به من العمى ويهتدون به من الضلال، وما فيه من الوعد والوعيد والترغيب والترهيب من أعظم ما تنتفع به القلوب في طريق سيرها إلى الله تعالى، فيرجو العبد فضل الله ورحمته ويخاف عذابه فيجتهد في طاعته ويبذل وسعه في مرضاته حال أنبياء الله ورسله والصالحين من عباده الذين وصفهم الله بقوله: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ {الأنبياء:90}، وقال تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ {الزمر:9}. فقد حوت آيات القرآن من رسائل الهداية أمرا عظيما، فعلى العبد أن يجتهد في إزالة ما على قلبه من الران الحائل دون الفهم عن الله عز وجل. وأما معرفتك إن كان الله راضيا عنك فهذه لا تحصل على وجه اليقين إلا في الآخرة حين تبلو كل نفس ما أسلفت، وأما في هذه الدار فالمؤمن يرجو ويخاف، فهو يحسن العمل ما استطاع ويحسن الظن بربه عالما أنه لا نجاة له إلا بفضل ربه ورحمته، والعبد إذا رأى نفسه مقبلا على طاعة الله فليزدد من الخير وليرج ربه أن تتم عليه نعمته في الدنيا والآخرة، وثم أمارة تحصل بها للعبد غلبة الظن بما له عند ربه تعالى، وهي أن ينظر في نفسه وقدر تعظيمه لربه تعالى ورعايته لحقه، فقد روى الحاكم والبيهقي في الشعب أنه صلى الله عليه وسلم قال: من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله؛ فلينظر كيف منزلة الله عنده؛ فإن الله تعالى ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه . حسنه المنذري في الترغيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني