الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من مات جوعا هل ظلمه الله تعالى حين كتب عليه ذلك وهل يعد موته شهادة

السؤال

كلمني أحد الأشخاص على الإنترنت و كان يحاورني عن المجاعة التي حدثت في الصومال، و قال لي : بأن رب العالمين ظالم لأنه قدّر أن يموت هؤلاء الصوماليون و هم مسلمون بأن يموتوا جوعا . و كان مصمما على كلامه و قال : أليس حراما أن يموتوا جوعا و يقدر الله ذلك قبل أليس كل ما يحدث لنا هو قضاء الله و قدره ؟؟؟
فرددت عليه و قلت له : استغفر الله رب العالمين جل في علاه و كيف يكون رب العالمين ظالما و قد حرم على نفسه الظلم، و قلت له بأن المسلم الذي يموت في مجاعة يكون شهيدا ، لأني من زمان سمعت حديثا بهذا المعنى .
فقال لي : بأن هذا الحديث ضعيف و لم يرد شيء بهذا الشيء .
فهل فعلا هذا الحديث ضعيف بأن من مات في مجاعة و كان مسلما يعتبر شهيدا ؟؟؟
و كيف أرد عليه و هو مصمم على كلامه الخطأ ؟؟؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الحكم بالشهادة لمن مات جوعا، فلم نقف على حديث ينص عليه. وقد ذكر السيوطي في رسالته (أبواب السعادة في أسباب الشهادة) نحوا من ستين سببا لنيل هذه الفضيلة، ولم يذكر فيها الموت جوعا. وقد ثبت في السنة أجر الشهادة لبعض أنواع الميتات ، كالموت بداء البطن، والموت بالغرق أو الحرق أو الهدم، وغير ذلك. قال النووي: قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها. اهـ.
وقال الباجي في (المنتقى): هذه ميتات فيها شدة الألم، فتفضل الله تعالى على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجرهم حتى بلغهم بها مراتب الشهداء. اهـ. ونقل ابن حجر مثل ذلك عن ابن التين.
فقد يقال: إن المسلم الذي يموت بسبب فيه ألم عظيم وشدة، يدخل في هذا المعنى وينال منازل الشهداء، كما سبقت الإشارة إليه في الفتوى رقم: 34588. والموت بسبب الجوع فيه هذا المعنى وزيادة.
وأما وصف الله تعالى بالظلم فهو الظلم بعينه، وهو حكم من لا بصيرة له ولا بصر، وقضاء الله تعالى وقدره، وحكمته في خلقه وأمره، أعظم من أن يدركها من هو ظالم لنفسه جاهل بربه، وقدر الله تبارك وتعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) [إبراهيم]. وصدق الله إذ قال: إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ [العاديات: 6] قال الحسن البصري: هو الذي يعد المصائب وينسى نعم ربه. اهـ.
وأما الرد على هذا الشخص فيمكن ذلك للأخ السائل من خلال الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 117638، 160433، 98736.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني