الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرجع في تحديد الرضعة

السؤال

رضعت من زوجة خالي مع ابنتها التي تكبرني بسنة عندما حدث لوالدتي حادثة، و الآن أريد أن أتزوج من ابنتها الصغرى غير التي رضعت معها. و هنا اختلف الكثير في تحريمه. و عندما سألت زوجة خالي عن عدد الرضعات قالت إنها كثيرة دون ذكرها لعدد محدد، وأمي تقول إنها كانت ترضعني رضاعة ليس فيها إشباع مجرد رضاعة فقط لكي أصبح أخا لابنتها و كانت على فترات متباعدة. فأنا في حيرة شديدة في عدم اليقين في عدد الرضعات و في مدى إشباعها. وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا ثبت أنك قد ارتضعت من المرأة المذكورة فلا فرق بين أن يكون رضاعك مع ابنتها التي تكبرك بسنة وبين أن يكون رضاعك مع التي تريد أن تتزوجها؛ وذلك لأن من رضع من امرأة يصير ابناً لها ولزوجها صاحب اللبن. قال النبي صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. متفق عليه.

وجاء في شرح الدردير ممزوجاً بمختصر خليل المالكي: وقدر الطفل الرضيع خاصة دون إخوته وأخواته ولداً لصاحبة اللبن ولصاحبه زوج أو سيد، فكأنه حصل من بطنها وظهره. انتهى.

وإذا قدر ابنا لصاحبة اللبن فإنه يصير أخا لجميع أولادها وبناتها، لا فرق بين شريكه في الثدي وبين غيره.

لكن الرضاع الذي يثبت به التحريم وينشر الحرمة لا بد أن يكون خمس رضعات معلومات ومشبعات على القول الراجح، كما سبق في الفتوى رقم: 52835
والمعتمد في قدر الرضعة هو العرف، ومما عده الفقهاء رضعة أن يلتقم الصبي الثدي ويمتصه ثم يتركه معرضا عنه، فإن كرر ذلك خمس مرات فقد تمت الرضاعة المحرمة.

قال ابن قدامة في المغني: والمرجع لمعرفة الرضعة إلى العرف لأن الشرع ورد بها مطلقا ولم يحددها بزمن ولا مقدار، فدل ذلك على أنه ردهم إلى العرف، فإذا ارتضع الصبي وقطع قطعا بينا باختياره كان ذلك رضعة، فإذا عاد كانت رضعة أخرى. انتهى.

فإذا تيقن من عدد الرضعات على هذا النحو بأنها خمس ثبت التحريم. والشك في حصول العدد المحرم من الرضاع لا يثبت معه التحريم؛ لأن الأصل عدمه حتى يثبت بيقين.

جاء في المغني لابن قدامة: وإذا وقع الشك في وجود الرضاع، أو في عدد الرضاع المحرم، هل كملا أو لا؟ لم يثبت التحريم، لأن الأصل عدمه، فلا نزول عن اليقين بالشك، كما لو شك في وجود الطلاق وعدده. انتهى.

ثم إن شهادة النساء فى الرضاع محل خلاف بين أهل العلم، فمذهب الحنفية أن الرضاع لا يثبت بالنساء بانفرادهن، وعند الشافعية لا يقبل فيها أقل من أربع نسوة، وعند المالكية تقبل شهادة امرأتين إن كانت منتشرة ومعروفة بين الناس قبل العقد، أما الحنابلة: فتقبل عندهم شهادة امرأة واحدة إن كانت مقبولة الشهادة، وراجع التفصيل في الفتوى رقم : 143515.

وعلى ضوء جميع ما ذكر يمكنك أن تعرف الحكم فيما سألت عنه، ولا شك في أن قول زوجة خالك إن عدد الرضعات كثير وقول أمك إنها كانت على فترات متباعدة... يرجح حصول المحرمية. ولكن الجزم بذلك إنما يمكن القول به أو بعدمه إذا استقصيت حقيقة الموضوع.

فعليك أن تعود إلى مجتمعك فتسأل من جديد عما إذا كان ثم شهود على هذا الرضاع وعلى عدده وعلى قدر الرضعات منه وغير ذلك مما فصلناه في الفتوى.

ولا شك أن الورع في تجنب الزواج من البنت المذكورة لو لم تثبت المحرمية خروجا من الخلاف واستبراء للدين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني