الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من حمل أشياء يعتقد أنها محرمة فتبين بعد أنها حلال

السؤال

حمل رجل ما يعتقد أنه مواد منشطة بقصد الاتجار، وتم توقيفه، وبعد تحليل المادة تبين أنها ليست مواد منشطة، وليست ذات تأثير مخدر. ما الحكم الشرعي؟ أرجو الإفادة، وأسال الله الهداية والبعد عما لا يرضيه.
للتوضيح وأرجو المعذرة بعلمه أنه يحمل مواد منشطة من مادة مصنعة ومتداولة في السوق السوداء ومغلفة بنفس الاسم، لكنه تبين للسلطات المختصة أنها ليست كما يظن بعد تحليلها، ولا يد له بذلك إذ كانت من ألاعيب من سخروه . لا حول ولا قوة إلا بالله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحمل الرجل لتلك المواد على أنها مواد محرمة من أجل بيعها والاتجار فيها لا يجوز له، ولا حرج على من أوقفه ظنا منه أنه يحمل أشياء محرمة. فليستغفر الله تعالى وليتب إليه، ولو لم يكن قصده بيع تلك المادة التي كان يظن أنها من النوع المحرم وإنما حملها لأصحابها فقط لأن إعانة العاصي لا تجوز.

والعبرة بما كان يعتقده من حرمتها فهو يأثم بسبب ذلك ولو تبين فيما بعد أنها ليست كذلك، للقاعدة الشرعية (الأمور بمقاصدها) جاء في الأشباه والنظائر للسيوطي : ..وَفِيمَا لَوْ تَعَاطَى فِعْل شَيْء مُبَاح لَهُ ، وَهُوَ يَعْتَقِد عَدَم حِلّه ، كَمَنْ وَطِئَ امْرَأَة يَعْتَقِد أَنَّهَا أَجْنَبِيَّة ، وَأَنَّهُ زَانٍ بِهَا ، فَإِذَا هِيَ حَلِيلَته أَوْ قَتَلَ مَنْ يَعْتَقِدهُ مَعْصُومَا ، فَبَانَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ دَمَهُ ، أَوْ أَتْلَفَ مَالًا لِغَيْرِهِ ، فَبَانَ مِلْكَهُ .
قَالَ الشَّيْخ عِزُّ الدِّينِ : يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْم الْفَاسِق لِجُرْأَتِهِ عَلَى اللَّه ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَة إنَّمَا شُرِطَتْ لِتَحْصُلَ الثِّقَةُ بِصِدْقِهِ ، وَأَدَاء الْأَمَانَة ، وَقَدْ انْخَرَمَتْ الثِّقَةُ بِذَلِكَ ، لِجُرْأَتِهِ بِارْتِكَابِ مَا يَعْتَقِدُهُ كَبِيرَة . قَالَ : وَأَمَّا مَفَاسِد الْآخِرَة فَلَا يُعَذَّبُ تَعْذِيب زَانٍ وَلَا قَاتِل ، وَلَا آكِلٍ مَالًا حَرَامًا لِأَنَّ عَذَاب الْآخِرَة مُرَتَّب عَلَى تَرَتُّب الْمَفَاسِد فِي الْغَالِب ، كَمَا أَنَّ ثَوَابهَا مُرَتَّب عَلَى تَرَتُّب الْمَصَالِح فِي الْغَالِب . قَالَ : وَالظَّاهِر أَنَّهُ لَا يُعَذَّب تَعْذِيبَ مَنْ ارْتَكَبَ صَغِيرَةً ؛ لِأَجْلِ جُرْأَته وَانْتِهَاك الْحُرْمَة ؛ بَلْ عَذَابَا مُتَوَسِّطًا بَيْن الصَّغِيرَة وَالْكَبِيرَة . وَعَكْس هَذَا : مَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّة وَهُوَ يَظُنّهَا حَلِيلَة لَهُ لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شَيْء مِنْ الْعُقُوبَات الْمُؤَاخَذَات الْمُتَرَتِّبَة عَلَى الزَّانِي اعْتِبَارًا بِنِيَّتِهِ وَمَقْصِده .إنتهى

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني