الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة في الطلاق والحلف به

السؤال

حلفت بالطلاق على زوجتي أن لا تذهب إلى العمل وأن تتركه وتتفرغ لأطفالها ولي ولبيتها، فما كان منها إلا أن تركت البيت مع أخيها وذهبت إلى بيت أهلها ودخل ناس كثر ليصلحوا بيننا وأفهموها أنها أخطأت في حق أطفالها فرفضت وطلبت الطلاق وكان أهلها وأخواتها وإخوانها يرفضون مقابلتي لها ويتعذرون بأنها لا تريد ذلك ويحاولون التفريق بيننا فصبرت لمدة شهر، ولي منها أربعة أطفال الصغير عمره سنتان وآخر أربع سنوات، وخلال الشهر لم ترفع سماعة التيلفون لتطمئن على أطفالها وذهبت لترضيتها فتركتني وخرجت وأنا أحاول إقناعها بالعودة لأطفالها، ولما تركتني جاء أخوها لكي يخرجني محاولا إقناعي بأنه سوف يحاول معها وبعد خروجي وأطفالي من بيتهم مرض الطفلان الصغيران وكلمت أخاها بأخبارها فلم تستجب وسهرت على أطفالي بسبب مرضهم ولم أذهب للعمل اليوم الثاني وجاء مساء اليوم الثاني فطلبت من أخيها وأمه التي تكون زوجة أبيها أن أكلمها، وبعد أن استفزوني تلك الليلة أعطوني إياها لأكلمها فقلت لها إن أطفالك مرضى وإذا لم تحضري هذه اليلة لتمريضهم فأنت طالق، وقلت هل تريدين أن أزيد الثانية والثالثة فأجابت بكل برود براحتك فقلت طالق بالثلاث إن لم تحضري، وكان قصدي بها إخافتها وجعلها تحضر للسهر على علاج أطفالها وانتظرتها لتحضر على أمل أنها ستخاف، وإذا بها لم تحضر، فهل كلامي لها بالطلاق يعتبر طلاقا؟ أم تهديدا وانفعالا من برودها؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا حيث كنت في ذلك الوقت منفعلا من برودها وتركها لأطفالها وعدم اهتمامها بمرضهم وأردت تخويفها ولم يفد ذلك، فهل تعتبر في حكم المطلقة؟ أم أنه يمين؟ أم تهديد؟ وماذا يكون؟ فأنا في حيرة من أمري، وهل أردها لأجل الأطفال أم أنها تعتبر طالقا؟ وجزاكم الله خير الجزاء على الإيضاح لي والرد علي سؤالي، لأنه مصير أطفالي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن من علق طلاق زوجته على فعل أمر أو تركه ثم وقع ما علق طلاقه به، فإن زوجته تطلق ولو نوى به التهديد، وهذا قول الأئمة الأربعة, وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الطلاق لا يقع إن نوى به التهديد ويكون حكمه حكم اليمين، وانظر الفتويين رقم: 57041، ورقم: 167303، عن الطلاق المعلق بالثلاث، والفتوى رقم: 30246.

وإذا كان واقع الحال ما ذكرت من أنك حلفت بالطلاق ثلاثا إن لم ترجع زوجتك ولم ترجع فإنها تكون قد طلقت منك طلاقا بائنا ثلاثا في المفتى به عندنا.

وقد أخطأت زوجتك فيما فعلت من إصرارها على العمل بغير رضاك وفي خروجها من منزل زوجها بدون إذنه وخربت بيتها بيدها، وتلزمها التوبة إلى الله تعالى، ونسأل الله أن يعوضك خيرا منها، واحرص مستقبلا على الزواج بذات الدين.

وقد أفتيناك بما أفتيناك به هنا على تقدير أنه لم يحصل حنث في الطلاق الذي قلت إنك حلفت به على زوجتك بأن لا تذهب إلى العمل وأن تتركه وتتفرغ لأطفالها ولك ولبيتها... أو أنه قد حصل حنث في تلك اليمين وكان تعليقك لطلاقها الثلاث قد حصل في العدة، لأن الرجعية تعتبر في حكم الزوجة في لحوق الطلاق ونحوه، وأما لو كان الحنث قد حصل في تلك اليمين وانقضت العدة قبل تعليقك لطلاقها الثلاث، فإنها في هذه الحال تكون قد بانت منك، وبالتالي لا ينعقد تعليق طلاقها، وإذا لم تكن تلك الطلقة مكملة لثلاث فإن لك أن تعقد عليها عقدا جديدا، لكن بشرط رضاها وتوفر جميع شروط صحة النكاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني