الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المضمضة والاستنشاق في الغسل والوضوء

السؤال

ما حكم المضمضة والاستنشاق في الغسل المجزئ؟ وما حكم تركهما؟ وكم يتمضمض ويستنشق في الغسل؟ ومتى تكون؟ وهل في أول الغسل أم آخره؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المضمضة والاستنشاق قد اختلف الفقهاء في حكمهما في الوضوء والغسل فيرى المالكية والشافعية ومن وافقهما أنهما سنتان في كل وضوء واجبا كان أو مستحبا مثل وضوء الغسل، ولا يجبان في الغسل أيضا، وعلى هذا القول يصح الغسل دون الإتيان بهما سواء أتى بالغسل الكامل أو بالغسل المجزئ، وهو تعميم الجسد بالماء مع النية، لكن لا ينبغي للمغتسل تعمد ترك المضمضة والاستنشاق، لأنهما من سنن الوضوء، ولأن من أهل العلم من يرى وجوب المضمضة والاستنشاق، ولذلك يرى الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ وهو ممن لا يرى وجوبهما -كما تقدم- أن من تعمد ترك الوضوء والمضمضمة والاستنشاق في غسل الجنابة يعتبر مسيئا بمعنى أنه فعل كراهة، لكن يجزئه غسله، ويتدارك المضمضمة والاستنشاق، ففي المجموع للنووي ـ رحمه الله تعالى: الوضوء والمضمضة والاستنشاق سنن في الغسل، فإن ترك الثلاثة صح غسله، قال الشافعي في المختصر: فإن ترك الوضوء والمضمضة والاستنشاق فقد أساء ويستأنف المضمضة والاستنشاق، قال القاضي حسين وغيره: سماه مسيئا لترك هذه السنن، فإنها مؤكدة فتاركها مسيء لا محالة، قالوا: وهذه إساءة بمعنى الكراهة لا بمعنى التحريم. انتهى.

أما على القول بوجوبهما في الوضوء والغُسل، وهو قول الحنابلة، والقول بوجوبهما في الغسل وهو قول الأحناف فلا يجوز تركهما ولو لم يتوضأ، لأن داخل الفم والأنف مما يجب إيصال الماء إليه باعتباره من ظاهرالجسد، فإن أراد الغسل الكامل توضأ وتمضمض واستنشق ثلاثا كالوضوء المعتاد، وإن اقتصر على الغسل المجزئ أوصل الماء إلى فمه وأنفه من غير عدد عند غسل الوجه والرأس، ففي إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام عند الكلام على حديث صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم: عن ميمونة بنت الحارث ـ رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ـ أنها قالت: وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة فأكفأ بيمينه على يساره مرتين أو ثلاثا ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ثم أفاض على رأسه الماء ثم غسل جسده ثم تنحى فغسل رجليه فأتيته بخرقة فلم يردها فجعل ينفض الماء بيده: قال الخامس: قولها: ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ـ دليل على مشروعية هذه الأفعال في الغسل، واختلف الفقهاء في حكم المضمضة والاستنشاق في الغسل: فأوجبها أبو حنيفة، ونفى الوجوب مالك والشافعي، ولا دلالة في الحديث على الوجوب إلا أن يقال: إن مطلق أفعاله صلى الله عليه وسلم للوجوب؛ غير أن المختار أن الفعل لا يدل على الوجوب إلا إذا كان بيانا لمجمل تعلق به الوجوب، والأمر بالتطهير من الجنابة ليس من قبيل المجملات. انتهى.

وفي شرح رياض الصالحين للشيخ محمد بن صالح العثيمين: أما إذا كان محدثا حدثا أكبر مثل الجنابة فعليه أن يغتسل فيعمم جميع بدنه بالماء، لقوله تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا ـ ومن ذلك المضمضة والاستنشاق، لأنهما داخلان في الوجه فيجب تطهيرهما، كما يجب تطهير الجبهة والخد واللحية، والغسل الواجب الذي يكفي أن تعم جميع بدنك بالماء سواء بدأت بالرأس أو بالصدر أو بالظهر أو بأسفل البدن أو انغمست في بركة وخرجت منها بنية الغسل، والوضوء في الغسل سنة وليس بواجب، ويسن قبل أن يغتسل. انتهى.

ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 17079، ورقم: 128595.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني