الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في الضرب بالدف في غير الأعياد والعرس والختان

السؤال

جزاكم الله خيرا على جهودكم ونفع بكم وجمعنا معكم في الفردوس، والسؤال: من من العلماء أجاز استعمال الدف للنساء في غير الأعياد والعرس والختان؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما من مذهب من المذاهب الأربعة وإلا وفيه قول بإباحة الدف في غير الأعياد والعرس والختان، ففي المذهب الحنفي قال ابن نجيم في البحر الرائق: وفي الذخيرة وغيرها: لا بأس بضرب الدف في العرس والوليمة والأعياد ... وسئل أبو يوسف عن الدف في غير العرس بأن تضرب المرأة في غير فسق للصبي؟ قال: لا بأس بذلك. اهـ.

وفي المذهب المالكي، قال العدوي في حاشيته على كفاية الطالب: المشهور عدم جواز ضربه في غير النكاح، كالختان والولادة، ومقابله جوازه في كل فرح للمسلمين كقدوم غائب والأعياد والختان وختم القرآن، وهل المراد الجواز الذي لا أجر في فعله ولا في تركه أو الذي فعله أفضل من تركه، أو الذي تركه أفضل من فعله؟ أقوال. اهـ.

وفي المذهب الشافعي، قال النووي في روضة الطالبين: أما الدف، فضربه مباح في العرس والختان، وأما في غيرهما فأطلق صاحب المهذب والبغوي وغيرهما تحريمه، وقال الإمام والغزالي: حلال. اهـ.

وقال ابن حجر الهيتمي في كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع: المعتمَد من مذهبنا أنَّه حلالٌ بلا كراهة فِي عرس وختان، وتركُه أفضل، وهكذا حكمُه فِي غيرهما، فيكون مباحًا أيضًا على الأصحِّ فِي المنهاج وغيره، وقال جمعٌ من أصحابنا: إنَّه فِي غيرهما حرام ... تَنْبِيه: تردَّد الأذرعي في المراد بغيرِهما الذي سبَق حكاية الخلاف فِي حُرمته، وممَّن قال بها صَاحِبُ المُهَذَّبِ والتهذيب وغيرهما: ما كان لحادث سرور، كقدوم الحاج، وشفاء المريض، والولادة أو ما كان كذلك، وما كان لغيره الأشبه الأوَّل، ويُؤيِّده قول الغزالي في الإحياء: يُباح فِي العُرْسِ والعيد، وقدوم الغائب وكلِّ سرور حادث، لكن كلامه فِي البسيط ظاهرٌ فِي الإباحة مطلقًا حيث لا جلاجل فيه، وادَّعى الوفاق عليه، وهذا ـ أعني الإباحة مطلقًا ـ هو قضيَّة ما فِي الوسيط والوجيز أيضًا، لكن حكايته الاتِّفاق على الإباحة معترضةٌ بما مرَّ أنَّ جماعةً كثيرين من أصحابنا قالوا بحرمته فِي غير العُرْسِ والختان، بل اعترض تصحيح الشيخين إباحته فِي غيرهما بأنَّ الذي نصَّ عليه الشَّافِعِي ـ رضِي الله عنه ـ وعليه جمهورُ أصحابه أنَّه حرام فِي غيرهما، نعم؛ أُلحِق بهما على هذا كلُّ حادث سرور له وقع. اهـ.

وفي المذهب الحنبلي، قال ابن مفلح في المبدع: ذكر أصحابنا وغيرهم أنه مكروه في غير النكاح .. قيل: والختان، وقيل: وسرور حادث غيرهما. اهـ.

ومما ورد في السنة من ذلك حديث ابن عمرو: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف، قال: أوفي بنذرك. رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني.

وراجع للفائدة الفتويين رقم: 43309.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني