الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في المحاكم المدنية

السؤال

أعمل عند من ينفذ الأحكام القضائية أابلغه الاستدعاءات هل هذا جائز في الشرع مع العلم أن هذه الأحكام وضعية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالأحكام الوضعية قسمان:
قسم يصادم شرع الله تعالى ويناقضه، وهذا كثير وهو عمل كفري، كما أخبر الله في كتابه الكريم: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة:44].
فلا يجوز الإعانة على هذا العمل المحرم بأي نوع من أنواع الإعانة، فلا يكون له المسلم كاتباً ولا منفذاً ولا مبلغاً، لأن ذلك من الإعانة على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عن ذلك في قوله سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2]، وأي إثم أشد وأي عدوان أعظم من محادة الله عز وجل بتبديل أحكامه؟! وقال سبحانه: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) [النساء:140].
فإذا كان مجرد القعود مع هؤلاء لا يجوز ويستوجب هذه العقوبة العظيمة، فكيف بمن يشارك في التنفيذ لهذه الأحكام الباطلة؟!.
وأما إن كانت هذه الأحكام الوضعية لا تخالف الشريعة الإسلامية، مثل إلزام المستأجر بدفع الأجرة لصاحب البيت، أو ما يتعلق بأحكام المرور ونظمها التي ليست فيها مخالفة شرعية فهذه يجوز الحكم بها، ولا حرج على من يعمل في إبلاغها أو تنفيذها.
وأما إن كانت هذه الأحكام فيها الحق وفيها الباطل فلا يجوز العمل فيها، لقوله تعالى: (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:42].
ويقول سبحانه وتعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:3] ومن ترك شيئاً لله أبدله الله خيراً منه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني