الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البالغ الرشيد يقيم عند من شاء من أبويه

السؤال

أنا فتاة أقيم مع أمي وأختي المطلقة، أبي انفصل عن أمي من 15 سنة بدون طلاق وذلك بسبب مشاكل .. كنا نقيم في السعودية وكان أبي يسافر للتجارة .. ولما خسر تجارته طلب منا أن نذهب لبلدنا الأصلي. ولكن أمي رفضت، قالت له إذا أنت غير قادر على مصاريفنا فالحمد لله البنات يشتغلن، لأن أخواتي كن الحمد لله يشتغلن، لكن أبي رفض وأصر على أن نذهب للعيش في بلدنا بحجة أن هناك لدينا أقارب وسيقومون بخدمتنا، ونحن نعرف أن أقاربنا مشغولون بحياتهم الخاصة لأننا حتى عندما نذهب زيارة عندهم نحن من نقوم بخدمة أنفسنا ..و بنى لنا بيتا في مكان بعيد عن المدينة وسط عشش ونحن بنات لوحدنا وليس معنا من يدير شؤوننا. وذلك المكان بعيد عن الشارع العام وعن المحلات. فرفضت أمي الذهاب لذلك البلد لأنها خافت علينا. وأصرت أن نعيش في صنعاء لأنها أهون من تلك المنطقة الأخرى ..
فوافق أبي في بداية الأمر .وقال لنا اذهبوا وأنا سأتكفل بمصاريفكم الشهرية.
لكن بعد فتر ة أصبح يشتكينا عند الناس ويقول إننا عاقون وعاصون. لأن أمي لم ترض بالذهاب لذلك البيت. وهو دائماً يقول إذا ذهبتم سأتكفل بمصاريفكم.
لكننا وللأسف وأستغفر الله مما سأكتبه أصبحنا لا نثق بأبي لأنه وعدنا بذلك من قبل ورجع في كلامه. نحن نعلم أن رزقنا بيد الله في أي مكان نذهب إليه لكن. يا شيوخي الكرام الكل يعلم سوء تلك المنطقة وأنها لا تصلح لنا.لا أدري كيف يرتضيها أبي لنا.
مع العلم حتى أنه لما يذهب زيارة لا يستطيع الجلوس بذلك البيت. ويذهب عند أقربائه .
نحن الآن في حيرة من أمرنا لا ندري نرضي من فيهم. هل نرضي أبي الذي لا يريد العيش معنا أم نرضي أمي التي ضحت بحياتها من أجلنا ؟؟
وأمي طالبت كثيراً بالطلاق لأن أبي بمجرد انتقالنا لصنعاء أصبح لا يسأل عنها ولا يصرف عليها. ولكنه كان يرفض تطليقها والآن قام بتطليقها قبل شهر تقريباً.
ولكن أبي لا زال كل فترة وأخرى يطلب مننا الذهاب لتلك المنطقة. كل أخواتي تزوجن سوى أنا ..وأختي مطلقة وتعيش معنا الآن. لكنه لازال يشتكينا للناس بأننا عاقون. نشعر أن أبي يكرهنا. وبمجرد أن تتزوج إحدانا يسأل عنها ويسألها إذا كانت تحتاج أي شيء. أما نحن لأننا ما زلنا مع أمي لا نجرؤ أبداً على طلب أي شيء منه لأنه يواجه ذلك بالرفض ويقول أنتم عاصون ..
والله أنا خائفة من عذاب الله ولا أعرف كيف أرضي أمي وأبي ؟؟
نحن لا نريد أن نذهب لذلك البلد لأننا لا نريد أن نصبح عالة على الناس. وهنا الحمد لله في صنعاء تعمل أختي براتب جيد. وتلك المنطقة رواتبهم ضعيفة ولا تكفينا.
لا ندري هل علينا ذنب بعدم طاعة أبي.
تعبنا من هذه المشكلة التي لا تنتهي. وهل لأبي الحق بأن يلزمنا بالعيش في مكان صعب أن نسكن فيه كوننا بنات لوحدنا.مع العلم أنه من المستحيل أن يأتي للعيش معنا.
أتمنى أن أعيش بأمان دون قلق من عقوبة الله ودون سخط أبي. ولا أدري ما الحل ؟
أتمنى أن أجد منك الجواب الشافي.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت بالغة رشيدة فلا حرج عليك في الإقامة مع أمك والامتناع من الانتقال مع أبيك، ولا سيما إذا كان يريد نقلكم إلى مسكن غير مأمون، فعند كثير من العلماء تنتهي الحضانة بالبلوغ ويحق للولد الإقامة حيث شاء ما لم يُخش عليه مفسدة.

قال ابن قدامة: فَأَمَّا الْبَالِغُ الرَّشِيدُ , فَلا حَضَانَةَ عَلَيْهِ, وَإِلَيْهِ الْخِيرَةُ فِي الإِقَامَةِ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَبَوَيْهِ. المغني لابن قدامة.

لكن مع ذلك يجب عليكم بر أبيكم والإحسان إليه مهما كان حاله فإن حق الوالدين عظيم، وانظري الفتوى رقم : 114460

وإذا كان بر الأم آكد من بر الأب فذلك لا يعني التهاون في بر الأب بل الواجب الجمع بين برهما والإحسان إليهما، فإن لم يمكن الجمع بين برهما وتعارضت طاعة الأب مع طاعة الأم بحيث لا يمكن طاعتهما معا، فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى تقديم بر الأم حينئذ ، وانظري الفتوى رقم : 167869

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني