الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متى يتوضأ المبتلى بالسلس للصلاة وخاصة الجمعة

السؤال

سفري للعمرة بعد ثلاثة أسابيع يتوقف على الإجابة، والسؤال يتعلق بموضوع الإفرازات عند المرأة، وقد قرأت جميع الفتاوى المتعلقة بالموضوع في موقعكم وأيضا في مواقع أخرى، ولا زلت في حيرة شديدة من أمري، فأنا فتاة غير متزوجة وفي العقد الثالث من العمر، وأعاني وفي فترات من هذه الإفرازات، لا أعترض على كونها ناقضة للوضوء، فأنا ملتزمة بهذا تماما والحمدلله، ولكنني بحق وبعد كل ما قرأته لا زلت غير قادرة على تمييز أنواعها المختلفة، وخاصة أنني أعاني منها بدون شعور بالشهوة وما إلى ذلك والحمد لله، ولكن ما يتعبني أنني كنت في السابق أتوضأ منها دون الحاجة إلى استعمال الحمام ـ أكرمكم الله ـ على أساس أنها ناقضة للوضوء ولكنها غير نجسة، ثم قرأت أن منها ما هو نجس ويجب غسل ما أصاب البدن والثياب منها، وهذا ما يبدو لي مستحيلا في بعض الأحيان، فقد أرهقت نفسي ودمرت نفسيتي بصراحة، فقد أصبحت مضطرة للتفتيش في ملابسي الداخلية عفوا وحتى في الخارجية، وعند كل صلاة أصبح مطلوبا مني بعد التفتيش وإن تأكدت من وجودها أن أٌقوم بتبديل الملابس الداخلية والخارجية وغسلهما معا من أثر هذه الإفرازات، وقد أصبحت أتعامل مع كل رطوبة في ملابسي، وكأنها إفرازات نجسة يجب التحرز منها، وما يتعبني أنني أنوي السفر للعمرة بعد ثلاثة أسابيع ـ إن شاء الله ـ وكنت في عمرة سابقة أقوم بالوضوء في الفندق ثم الذهاب للحرم للصلاة وأحيانا أقوم بتجديد وضوئي دون دخول الحمام بل في أماكن داخل الحرم يتواجد بها ماء مكتوب عليه للوضوء على ما أعتقد، وأما والحال أنها نجسة ويجب استعمال الماء لتنظيفها فأنا سأغدو مضطرة للذهاب إلى دورات المياه وأنا مرتبطة بوالدي كبار السن، ولا أعرف كيف سأوفق بين الالتزام بوقت الصلاة تماما والالتحاق بوالدي وأصلا من الحمامات ولغاية مكان والدي سأكون قد ضيعت الوضوء إذا كانت عندي إفرازات فهي لا موعد محدد لها وتنزل فجأة، كما أنه في يوم الجمعة نلتحق بالحرم في وقت مبكر قبل الصلاة ومع وجود ازدحام المصلين لا أعرف كيف سأذهب لتجديد وضوئي والعودة مرة أخرى لمكاني بصراحة هذا أمر مستحيل لدرجة أنني كنت أفكر أن ألغي رحلة العمرة كي أتخلص من هذا الإرباك، فأنا بحق متعبة من الموضوع، وأصبحت أكره نفسي في كل مرة أفكر فيها أنني سأكون خارج البيت، فكيف سأتفقد ملابسي وأبدلها أو أنظف مكان الرطوبة ولو حصل واضطررت للصلاة عند دخول الوقت ولم أتفقد وضعي، ضميري يؤنبني أن صلاتي تكون غير صحيحة وأعيدها عند الرجوع للمنزل، أصبحت أرفض زيارة الأقارب كي أتجنب فكرة الوضوء الذي قد لا يكون متاحا لي في كل بيوت الأقارب لسبب أو لآخر، والفكرة تكون محرجة لي فأفضل البقاء في البيت، أرجوكم أرشدوني ماذا أفعل في العمرة وأثناء الطواف؟ وهل يجزئ الوضوء داخل الحرم دون التوجه لدورات المياه؟ ثم عندما أتناقش مع أخواتي يكون الرد بأن هناك من العلماء من قال بأن هذه الإفرازات غير نجسة فماذا علي لو التزمت برأيهم؟ وهل أأثم؟ أفيدوني في هذه النقطة أيضا، لأن هناك من يقول إن اختلاف العلماء رحمة للناس، ويجوز لي أن آخذ برأي العلماء وحتى لو خالف رأي الآخرين، أرجوكم أفيدوني وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا حكم ما سألت عنه في فتاوى كثيرة، وأوضحنا أن الراجح عندنا هو طهارة هذه الرطوبات، وأنه لا يلزم تفقد الموضع للتثبت مما إذا خرجت أو لا، وأن المبتلاة بسلس هذه الرطوبات تتوضأ لكل صلاة بعد دخول الوقت ولا يلزمها الاستنجاء، لأن هذه الرطوبات محكوم بطهارتها، وإذا شكت في كونها خارجة من مخرج البول فتكون نجسة فالأصل الطهارة ولا يحكم بالنجاسة إلا بتيقن خروجها من مخرج البول، وينبغي طرح الوساوس ومجاهدتها ما أمكن، وبه يتبين لك أنه لا إشكال البتة فاذهبي إلى عمرتك، ويكفيك أن تتوضئي لكل صلاة إن كنت مصابة بسلس هذه الرطوبات، ولا يلزمك الذهاب إلى دورات المياه للاستنجاء، وقد بينا متى يتوضأ صاحب السلس لصلاة الجمعة في الفتوى رقم: 140761، فراجعيها.

واعلمي أن العامي يقلد من يثق بقوله من أهل العلم ولا إثم عليه في ذلك، وراجعي لمزيد تفصيل ما ذكرناه في الفتويين: 139715، 111103 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني