الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن يصلي الفجر في مسجد ثم يذهب لآخر ليعيد الصلاة

السؤال

أقوم لصلاة الفجر في الجماعة ويوجد في المنطقه التي أسكن بها مسجد يقيم الصلاة بعد 20 دقيقة من الأذان ومسجد آخر يقيم الصلاة بعد 45 دقيقة وأصلي في المسجد الأول الذي يقيم بعد 20 دقيقة ثم أنتهي من الصلاة وأذهب لأصلي في المسجد الآخر الذي يقيم بعد 45 دقيقة وأفعل ذلك حباً في صلاة الفجر في الجماعة، فهل يجوز ذلك أم لا؟ وإن كان يجوز، فما هي النية التي أنويها لكي تكون الصلاتان صحيحتين؟ وهل يجوز أن أصلي إحداهما بنية تعويض ما كان يفوتني عندما كنت لا أصلي الفجر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأولى لك ألا تتعمد الذهاب إلى المسجد الثاني لتصلي فيه، فقد نص فقهاء الحنابلة على أنه لا يستحب دخول المسجد في وقت النهي لإعادة الجماعة وإن كان ذلك جائزا، قال ابن قدامة: إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ نَهْيٍ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ الدُّخُولُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ اُسْتُحِبَّ لَهُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ مَعَهُمْ، وَإِنْ دَخَلَ وَصَلَّى مَعَهُمْ فَلَا بَأْسَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ خَبَرِ أَبِي مُوسَى، وَلَا يُسْتَحَبُّ، لِمَا رَوَى مُجَاهِدٌ، قَالَ: خَرَجْت مَعَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ حَتَّى إذَا نَظَرَ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إذَا النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى صَلَّى النَّاسُ، وَقَالَ: إنِّي صَلَّيْت فِي الْبَيْتِ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ. انتهى.

والصحيح عند الشافعية استحباب الإعادة مطلقا، فما تفعله لا حرج فيه على قولهم، قال النووي: إذَا صَلَّى جَمَاعَةً ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أُخْرَى فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ مِنْهَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا لِلْحَدِيثِ. انتهى.

فإن اخترت أن تفعل هذا فإنك تنوي الثانية صبحا معادة، ويجوز أن تنويها نفلا، قال ابن قدامة: لَا يَنْوِي الثَّانِيَةَ فَرْضًا، لَكِنْ يَنْوِيهَا ظُهْرًا مُعَادَةً، وَإِنْ نَوَاهَا نَافِلَةً صَحَّ.

وقال النووي: يَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ مَثَلًا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْفَرْضِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ وَالْأَدِلَّةُ. انتهى.

ويجوز لك أن تنوي ما عليك من صلاة فائتة، واعلم أن مذهب الجمهور وجوب قضاء هذه الفوائت على الفور وأنه يلزمك أن تبادر بقضاء ما تعمدت تركه من صلوات بما لا يضر ببدنك أو بمعيشة تحتاجها، ولا تشتغل بالتنفل ما دام عليك قضاء، وانظر الفتوى رقم: 70806 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني