الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية علاج الصلع بزرع الشعر

السؤال

منذ بضع سنوات بدأت أصلِعُ شيئا فشيئا ولا زلت أفقد شعري حتّى الآن، وهذا أمر يقنطني حقّا، إذ أشعر وكأنّه يفسد طلعتي ومظهري وهو يفقدني من ثقتي في نفسي، حتّى إنّني رحت أتساءل عمّا فعلته كي أعاقب بهذا الشّكل، أعلم أنّ محنتي هيّنة مقارنة بمصائب الدّنيا الأخرى ولكنّني أودّ معرفة ما يُذهب بموجبه الله جمال شخص ما ـ مثلا السّرقة أو الغيبة، إلخ، خصوصا وأنّني أحاول تجنّب الآثام قدر الإمكان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نعلم ذنبا عقوبته ذهاب الجمال، وننصحك بأن تهون الأمر على نفسك فالصلع شيء طبيعي يحصل لبعض الرجال بسبب تقدم العمر أو لمرض ونحو ذلك ولا ينقص ذلك من قدرهم، ولا حرج عليك شرعاً في علاج الأمر بزرع شعر الرأس، وليس هذا من الوصل المنهي عنه في الحديث المتفق عليه: لعن الله الواصلة والمستوصلة……..الحديث.

ولا يدخل هذا تحت تغيير خلق الله، إذ هو رد لما خلق الله تعالى وهو من باب العلاج المأذون به، لأنه استنبات في محله والأصل في ذلك ما رواه أبو داود عن عبد الرحمن بن طرفة: أن جده عرفجة بن سعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفاً من َوِرق فضة فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفاً من ذهب.

وعليك بالدعاء والبعد عن المعاصي والإكثار من الصدقات على المحتاجين لعل دعوات صالحة منهم تفيدك ـ بإذن الله ـ وقد ذكر البيهقي في شعب الإيمان: أن عبد الله بن المبارك ـ رحمه الله ـ سأله رجل يا أبا عبد الرحمن قرحة خرجت في ركبتي منذ سبع سنين وقد عالجت بأنواع العلاج وسألت الأطباء فلم أنتفع به، فقال: اذهب فانظر موضعا يحتاج الناس إلى الماء فاحفر هناك بئرا فإني أرجو أن تنبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرئ.

قال البيهقي: وفي هذا المعنى حكاية شيخنا الحاكم أبي عبد الله ـ رحمه الله ـ فإنه قرح وجهه وعالجه بأنواع المعالجة فلم يذهب وبقي فيه قريبا من سنة، فسأل الأستاذ الإمام أبا عثمان الصابوني أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة فدعا له وأكثر الناس التأمين، فلما كان من الجمعة الأخرى ألقت امرأة رقعة في المجلس بأنها عادت إلى بيتها واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول لها: قولوا لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلمين، فجئت بالرقعة إلى الحاكم أبي عبد الله فأمر بسقاية الماء فيها وطرح الجمد في الماء، وأخذ الناس في الماء فما مر عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء وزالت تلك القروح وعاد وجهه إلى أحسن ما كان وعاش بعد ذلك سنين. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني