الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الرئاسة في منظار الشرع

السؤال

جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للمسلمين من نصح وإرشاد: أرجو توضيح حكم الشرع في ما يحدث الآن في مصر من صراع على الرئاسة بين الإسلاميين، وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطلب الرئاسة والإمارة مما يختلف حكمه بحسب نية صاحبه وغايته، فقد يُحمد وقد يُذم، والله يعلم المفسد من المصلح فأما المفسد الذي يسألها ويحرص عليها طلبا لعرض من الدنيا، ففيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ وُلُّوا هَذَا الْأَمْرَ أَنَّهُمْ خَرُّوا مِنْ الثُّرَيَّا وَأَنَّهُمْ لَمْ يَلُوا شَيْئًا. رواه أحمد وحسنه الألباني والأرنؤوط.

وهذا مما يرهبه المؤمن ويحذر منه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوثقه إثمه، أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة. قال المنذري: رواه أحمد ورواته ثقات إلا يزيد بن أبي مالك ـ وصححه الألباني.

ولذلك، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن سمرة عن ذلك فقال: لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها. متفق عليه.

وقال لأبي ذر: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها. رواه مسلم.

قال النووي: هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية. اهـ.

وراجع الفتويين رقم: 36003، ورقم: 141401.

ويشتد الأمر إذا طلبها المرء لنفسه وحرص عليها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدا سأله ولا أحدا حرص عليه. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

قال ابن حجر في الفتح: ظاهر الحديث منع تولية من يحرص على الولاية إما على سبيل التحريم أو الكراهة، وإلى التحريم جنح القرطبي، ولكن يستثنى من ذلك من تعين عليه. اهـ.

وفي ترشيح الحزب لأحد أعضائه لا يكون قد سألها، وإنما كلف بها من قبل حزبه، وعلى كل حال, فإنه إذا تعينت في حق شخص أو فئة، فمن طلبها نصرة لدينه، وسعيا لإقامة العدل وشريعة الله في خلق الله، فإنه إن كان كفئا لها لم يُذم، بل يُحمد ويُشكر، ويُثاب ويُؤجر، جاء في الموسوعة الفقهية: يختلف الحكم باختلاف حال الطالب، فإن كان لا يصلح لها إلا شخص وجب عليه أن يطلبها، ووجب على أهل الحل والعقد أن يبايعوه، وإن كان يصلح لها جماعة صح أن يطلبها واحد منهم، ووجب اختيار أحدهم، وإلا أجبر أحدهم على قبولها جمعا لكلمة الأمة، وإن كان هناك من هو أولى منه كره له طلبها، وإن كان غير صالح لها حرم عليه طلبها. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني