الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى وجوب ضمان أمين الصندوق لما ضاع من أموال

السؤال

أولا شيخنا الفاضل جزاك الله عنا خيرا وبارك الله فيكم: كنت أعمل في شركة وكنت مكلفة بالحسابات في مرة وقع لي خطأ في مبلغ من المال لم أعلم كيف ضاع مني، ومرة أخذت مبلغا على سبيل أن أرجعه لكن تعسر علي الأمر ولم أستطع إرجاعه ـ وكنت عندما يقع لي خطأ من قبل أرجع المبلغ من حسابي دون أن يدري صاحب العمل ـ وبعد مدة أخبرنا صاحب العمل أنه سيعلن إفلاسه ويبيع الشركة وقال لنا إنه لن يستطيع الوفاء بمستحقاتنا، وقد أعطى لزملائي جزءا من مستحاقاتهم عندما هددوه باللجوء للقضاء، لكن لم أطالبه بشيء وفي نيتي أنه مقابل المال الذي أخذت علما أن مستحقاتي تتجاوز 22500،00 درهم، والمبلغ الذي أخذته هو 5226،00 درهما، أريد أن أعرف هل بعملي هذا قد كفرت عن تصرفي السابق، لأنني والله يشهد كانت لي النية الدائمة في إرجاعه المبلغ سواء الذي وقع فيه خطأ أو الذي أخذته عن سبيل الاقتراض؟ والأمر يعذبني كثيرا لأني أقول في نفسي إني خنت الأمانة وأكلت مالا حراما؟ وإن لم أكن قد كفرت عن عملي وبما أنني لا أستطيع مصارحة مشغلي السابق الذي جعل كل ذلك حيلة للتخلص منا وهو الآن يزاول نشاطات أخرى ولم يتعرض للإفلاس قط، فإن لي نية بدفع المبلغ في حسابه الشخصي متى استطعت، لأن لدي رقم حسابه دون التصريح بهويتي، فبماذا تنصحني شيخنا الفاضل؟ أعتذر عن الإطالة وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنجيب على سؤالك من خلال النقاط التالية:

أولا: أن المحاسب وأمين الصندوق ونحوهما من الموظفين أمناء على الأموال التي تحت أيديهم ويجب عليهم حفظ هذه الأمانة ورعايتها، لقوله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58}.

وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}.

وعليه، فما ضاع من الصندوق دون تعد أو تفريط منك فلا تضمنينه، لأن يدك يد أمانة وليست يد ضمان، فلا يلزمك تعويضه ما لم يكن حصل منك تفريط أو تقصير.

ثانيا: من الخيانة قيام المحاسب بأخذ شيء مما تحت يده لنفسه ولو بنية إرجاعه دون إذن من جهة عمله فهذا من التعدي والخيانة الموجبة للإثم والضمان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي.

لكن إذا كانت مستحقاتك على جهة عملك أكثر من المبلغ الذي أخذته وأسقطت مقابله من حقوقك على صاحب الشركة أو أسقطت حقك كله في مقابله فلا حرج عليك في ذلك وتبرأ ذمتك منه ولا يلزمك إيداعه في حسابه.

ثالثا: لا يلزمك إخبار صاحب الشركة بما كان منك، إذ المعتبر هو إيصال الحق إليه فحسب ويكفي ما ذكرته من مقابلتك لحقك عليه بماله عليك ما دام حقك لديه أكثر مما أخذته كما ذكرت في سؤالك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني