الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من اشترى قاتا ولم يدفع الثمن كاملا فكيف يتصرف في المبلغ المتبقي

السؤال

سؤال: اشتريت من بياع قاتا بقيمة ثلاثمائة، فأعطيته مائتين وخمسين.
فبقيت خمسون عندي، فقلت له غدا أعطيك الخمسين، فلم أعطه الخمسين. هذا الكلام صار له سنة أوستة أشهر. وغيره كثيرون.
فالآن هل أتصدق بنيتهم بحكم أن القات حرام وممنوع من الدولة (السعودية).أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا حكم القات في الفتوى رقم: 13241 ،وذكرنا أنه مما اختلف فيه وإن كان الراجح حرمته لضرره، وقد ذكرت أنه بقي في ذمتك شيء من ثمنه، وفي مثل هذه الحالة تتصور عدة احتمالات لكل احتمال حكمه:

أولها: أن يكون المتابيعان يعتقدان حل ما تبايعا فيه حين تعاقدهما، وقد فات المبيع، فيجب الثمن للمشتري ولو طرأ عليهما بعد ذلك ما يغير اعتقادهما في المبيع.

قال القاضي أبو يعلى في المسائل الفقهية : مسألة: إذا تبايع أهل الذمة الخمر ثم أسلموا قبل قبض الثمن فهل يقضى للبائع بالثمن أم لا؟ نقل ابن منصور في مجوسي باع مجوسياً خمراً ثم أسلما يأخذ بالثمن قد وجب له الثمن يوم باعه...)

وهكذا صاحب القات قد وجب له الثمن يوم باعه سواء ما قبضه أو ما بقي في ذمتك منه إن كنتما حين العقد تعتقدان حله.

وقال شيخ الإسلام في الفتاوى: ومثل بيع النبيذ المتنازع فيه عند من يعتقد صحته . ومثل بيوع الغرر المنهي عنها عند من يجوِّز بعضها ؛ فإن هذه العقود إذا حصل فيها التقابض مع اعتقاد الصحة لم تنقض بعد ذلك ؛ لا بحكم ولا برجوع عن ذلك الاجتهاد.

والاحتمال الثاني: اعتقاد المتابيعين حرمة المبيع حين العقد، وحينئذ فلا يلزم المشتريَ دفعُ الثمن للبائع لكن يلزمه التصدق به لئلا يجمع بين الانتفاع بالعوض والمعوض عنه.

قال ابن القيم: إن كان المقبوض برضى الدافع، وقد استوفى عوضه المحرم كمن عاوض على خمر أو خنزير، أو على زنى أو فاحشة، فهذا لا يجب رد العوض على الدافع، لأنه أخرجه باختياره واستوفى عوضه المحرم، فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض عنه، فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان، وتيسيراً لأصحاب المعاصي.

وهكذا يقال إن كنتما حين العقد على القات تعتقدان حرمته، فما بقي في ذمتك تتصدق به حتى لا يجتمع لك العوض والمعوض عنه، ولا يلزمك دفعه للبائع .

والاحتمال الثالث: هو أن يكون المشتري يعتقد حرمته والبائع يعتقد حله حين العقد، فيلزم دفع الثمن إليه لكونه باع ما هو متمول في حقه فيجب له ثمنه، وقد سبق نقل كلام القاضي أبي يعلى في المسائل الفقهية : إذا تبايع أهل الذمة الخمر ثم أسلموا قبل قبض الثمن فهل يقضى للبائع بالثمن أم لا؟ نقل ابن منصور في مجوسي باع مجوسياً خمراً ثم أسلما يأخذ بالثمن قد وجب له الثمن يوم باعه...) وكلام شيخ الإسلام في الفتاوى: ( ومثل بيع النبيذ المتنازع فيه عند من يعتقد صحته . ومثل بيوع الغرر المنهي عنها عند من يجوز بعضها ؛ فإن هذه العقود إذا حصل فيها التقابض مع اعتقاد الصحة لم تنقض بعد ذلك ؛ لا بحكم ولا برجوع عن ذلك الاجتهاد). والقات أمره دون ما ذكر لفتوى بعض العلماء بإباحة الانتفاع به.

وينبغي أن تبين للبائع حكم القات وضرره وانصحه أن يتصدق بما كسبه منه، وأن يكف عن بيعه لرجحان القول بحرمته، ولمنع ولي أمر الدولة التي هو بها من بيعه وتلزم طاعته في ذلك ما دام أمره لمصلحة عامة ظاهرة وينبني على مخالفته مفسدة عامة بينة. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 105861.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني