الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة من له ساق واحدة ويستند إلى جدار

السؤال

سؤالي: كيفية صلاة من له ساق واحدة وهو يقدر على أن يقف عليها ولكن يستند إلى جدار الحائط. هل صلاته صحيحة لأنه يستند على الجدار؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالقيام في صلاة الفرض ركن من أركانها للقادر عليه، ولا تصح إلا به؛ لقوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ {البقرة:238}.

ومن كانت له ساق واحدة وهو يقدر على أن يقف عليها فإنه يكون مخاطبا بالقيام خطاب ذي الساقين به ما لم تحصل له به مشقة. وضبط بعض أهل العلم المشقة المسقطة للقيام بأنها التي يذهب معها الخشوع في الصلاة.

جاء فى الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: وقوله: «فإن لم يستطع» ظاهره: أنه لا يُبيحُ القعودَ إلا العجزُ، وأما المشقَّةُ فلا تُبيح القعودَ. ولكن؛ الصَّحيحُ: أنَّ المشقَّةَ تُبيحُ القعودَ، فإذا شَقَّ عليه القيامُ صلَّى قاعداً؛ لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وكما لو شَقَّ الصَّومُ على المريضِ مع قدرتِه عليه فإنه يُفطِرُ، فكذلك هنا إذا شَقَّ القيامُ فإنه يصلِّي قاعداً، ولكن ما ضابطُ المشقَّة؟؛ لأن بعضَ النَّاسِ أحياناً يكون في تَعَبٍ وسَهَرٍ، فيشقُّ عليه القيامُ. الجواب: الضَّابطُ للمشقَّةِ: ما زالَ به الخشوع؛ والخشوعُ هو: حضورُ القلبِ والطُّمأنينةُ، فإذا كان إذا قامَ قَلِقَ قلقاً عظيماً ولم يطمئنَّ، وتجده يتمنَّى أن يصلِ إلى آخر الفاتحةِ ليركعَ مِن شدَّةِ تحمُّلهِ، فهذا قد شَقَّ عليه القيامُ فيصلي قاعداً. انتهى.

وجاء في فتاوى نور على الدرب جوابا على سؤال مماثل، قال: فنقول لهذا الرجل: إذا كنت تستطيع أن تصلى قائماً ولو معتمداً على عصاً أو جدار فإنه يجب عليك أن تصلي قائماً في الركعة الأولى، وكذلك في الركعة الثانية يجب عليك أن تصلي قائماً ولو كنت معتمداً على عصا حين القيام لأن ذلك باستطاعتك، وكذلك في الركعات التي بعد الثانية إذا كانت الصلاة أكثر من ركعتين، وأما القدر الذي يبيح أن يصلي الرجل قاعداً فهو المشقة مثل أن يتعب تعباً شديداً يذهب به الخشوع وحضور القلب إذا صلى قائماً، أو مثل أن يكون فيه دوخة إذا قام داخ وسقط وما أشبه ذلك فإنه حينئذ يكون معذوراً يسوغ له أن يصلى قاعداً... انتهى محل الحاجة منه.

ولو صلى في الصلاة المفروضة مستندا من يستطيع القيام مستقلا، فإن كان استناده خفيفا صحت صلاته مع الكراهة، وإن كان استناده قويا بحيث يسقط لو أزيل ما يستند عليه ففي بطلان صلاته في هذه الحالة خلاف بين أهل العلم.

جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب (من كتب الشافعية): ولو استند إلى شيء كجدار أجزأه مع الكراهة، ولو تحامل عليه وكان بحيث لو رفع ما استند إليه لسقط لوجود اسم القيام.

وذهب المالكية إلى البطلان في هذه الحالة.

جاء في التاج والإكليل عند قول خليل: ( ولو سقط قادر بزوال عماد بطلت, وإلا كره ): اللخمي : لا يتكئ المصلي على حائط فإن فعل وكان الاتكاء خفيفا لم تفسد صلاته, وإن كان كثيرا لو زال الحائط لسقط المصلي لكان كمن ترك القيام، فإن كان عامدا غير جاهل أبطل صلاته إن كان في فرض, فإن كان سهوا أعاد تلك الركعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني