الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في تقسيم الموقوف

السؤال

إذا تكرمتم سيدي أن أطرح عليكم مسألة تهم أراضي الأحباس: لدينا أرض محبوسة منذ زمن بعيد وغير محفظة، واليوم يحاول بعض الأشخاص أن يقوموا بتحفيظها ثم تقسيمها على شكل تجزئة، والسؤال هو: هل يجوز طبقا للقانون والفقه أن يقوم هؤلاء بهذه الإجراءات ـ جراءات التحفيظ والتجزئة؟ ثانيا إذا تكرمتم أن توضحوا لنا حسب القواعد الفقهية، وهذه الإجراءات، وتقبلوا فائق التقدير والاحترام، ملاحظة: أتمنى أن أجد عندكم التفسيرات في أقرب وقت ممكن، لأن المسألة في غاية الأهمية، وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الإجراءات القانونية لما سميته تحفيظا للوقف يسأل عنه الجهات المعنية في البلد محل القانون، وأما تقسيم أرض الوقف: فإذا كان يراد به عقارا موقوفا على أشخاص ففي تجزئتة وتقسيمه خلاف، جاء في الموسوعة الفقهية تحت عنوان: قسمة الموقوف بين الموقوف عليهم: ذهب الفقهاء إلى أنه يتبع شرط الواقف في قسمة غلة الموقوف على الموقوف عليهم من تسوية أو تفضيل بينهم أو تقديم أحد على أحد وهكذا ...أما إذا كان الموقوف دارا للسكنى مثلا أو أرضا موقوفة للزراعة وكانت الدار أو الأرض لا تستوعب الموقوف عليهم فقد ذهب جمهور الفقهاء ـ الحنفية والمالكية والشافعية ـ إلى أن قسمة أعيان الوقف بين المستحقين لا تجوز، لأن الموقوف عليه لا ملك له في العين الموقوفة عند هؤلاء الفقهاء، إنما حقه في منفعة الموقوف، فإذا جازت القسمة على الموقوف عليهم فإنما تجوز في المنافع، أما عند الحنابلة فالمشهور عندهم أن الملك في الموقوف يكون للموقوف عليه، وفيما يلي تفصيل أقوال الفقهاء في ذلك، قال الحنفية: إذا قضى قاض بجواز وقف المشاع ونفذ قضاؤه وصار متفقا عليه كسائر المختلفات، فإن طلب بعضهم القسمة فعند أبي حنيفة لا يقسم ولكن يتهايئون.... وقد اختلف المالكية في جواز قسمة الوقف قسمة مهايأة، فقد جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: أما الحبس ـ أي الوقف ـ فاعلم أنه لا يجوز قسم رقابه اتفاقا، وأما قسمته للاغتلال بأن يأخذ هذا كراءه شهرا مثلا والآخر كذلك فقيل: يقسم ويجبر من أبى لمن طلب، وينفذ بينهم إلى أن يحصل ما يوجب تغيير القسمة بزيادة أو نقص يوجب التغيير، وقيل: لا يقسم بحال وهو ما يفيده كلام الإمام مالك في المدونة، وقيل: يقسم قسمة اغتلال بتراضيهم، فإن أبى أحدهم القسمة لا يجبر عليها، واستظهر الحطاب القول الثالث، وسواء على ما استظهره قسم قسمة اغتلال أو قسمة انتفاع بأن ينتفع كل واحد بالسكنى بنفسه أو بالزراعة بنفسه مدة، وإن كانت الأقوال الثلاثة إنما هي في قسمة الاغتلال، وذهب الشافعية إلى أن قسمة الوقف بين أربابه ممتنعة مطلقا لأن فيه تغييرا لشرط الواقف، ولا مانع من مهايأة رضوا بها كلهم، إذ لا تغيير فيها لعدم لزومها، والمعروف عند الحنابلة أن الملك في الموقوف إنما هو للموقوف عليه، ولذلك أجازوا قسمة عين الموقوف على الموقوف عليهم إلا أنهم اختلفوا في جواز ذلك إذا كان الوقف على جهة واحدة، فقد جاء في شرح منتهى الإرادات: يصح قسم موقوف ولو كان موقوفا على جهة واحدة واختاره صاحب الفروع، قال عن شيخه تقي الدين: صرح الأصحاب بأن الوقف إنما تجوز قسمته إذا كان على جهتين، فأما الوقف على جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة اتفاقا لتعلق حق الطبقة الثانية والثالثة، لكن تجوز المهايأة بلا مناقلة، ثم قال: والظاهر أن ما ذكره شيخنا عن الأصحاب وجه، يعني كغيره من الوجوه المحكية، قال: وظاهر كلام الأصحاب أنه لا فرق بين كون الوقف على جهة أو جهتين، وفي المنهج: لزومها إذا اقتسموا بأنفسهم، ومعلوم أن قسمة المهايأة التي يقول بها جمهور الفقهاء إنما تكون إذا كانت على قوم أو جماعة معينين. انتهى منها بتصرف يسير.

وأما لو كانت الأرض المذكورة حبسا لمصلحة عامة، فمن المعلوم أنه لا يجوز لبعض الناس أن يستولوا عليها أو يقتسموها بينهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني