الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة (ضع وأتعجل) نظرة الفقهاء فيها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اشتريت محلا بـ 140000 دفعت مقدما 70000 والباقي 70000 اتفقت مع المالك على تسديدها على عشرة أقساط في بحر ثلاث سنوات وحتى الآن لم يحن ولا موعد القسط الأول هل يجوز لي أن أعرض على المالك 50000 دفعة واحدة أدفعها له فورا مقابل تنازلي عن الدفع المؤجل وبالتالي تنازله عن 20000 أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فمن كان له على آخر دين من قرض أو بيع فقال: الغريم لرب الدين ضع عني بعض دينك وأعجل لك الباقي، أو قال رب الدين للغريم: عجل لي بعضه وأضع عنك باقيه، فإن هذه الصورة تعرف عند الفقهاء بـ (ضع وأتعجل).
وهي لا تجوز عند عامة الفقهاء، ومنهم أهل المذاهب الأربعة.
لأن ربا النسيئة المحرم إنما كان قرضاً مؤجلاً بزيادة مشروطة فكانت الزيادة مقابل الأجل.
فكذلك ضع وأتعجل من باب الحط مقابل الأجل، فكان في معنى الربا الذي نص الله على تحريمه.
وذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه كما ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين - وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ونصره ابن القيم وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن ذلك جائز.
قال ابن القيم رحمه الله: لأنه عكس الربا، فإن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل، وهذا يتضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل، فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل، فانتفع به كل واحد منهما، ولم يكن هنا ربا لا حقيقة ولا لغة ولا عرفاً، فإن الربا الزيادة وهي منتفية هنا، والذين حرموا ذلك إنما قاسوه على الربا، ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله: إما أن تربي وإما أن تقضي، وبين قوله: عجل لي وأهب لك مائة، فأين أحدهما من الآخر؟ فلا نص في تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح. انتهى.
لكن الجمهور قالوا: إن المدين المعجل لما في الذمة بشرط إسقاط جزء من الدين يعتبر مسلفاً، وكل سلف جر نفعاً فهو ربا، وبنى بعضهم من هذا قاعدة، فقال: المعجل لما في الذمة مسلف، وكل سلف جر نفعاً فهو ربا.
والحاصل أن الخلاف في المسألة خلاف كبير، والذي ننصحك به هو ألا تقدم على مثل هذا الفعل أبداً، فإن أكثر أهل العلم على القول بمنعه كما رأيت.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني