الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جمهور العلماء أن من تزوج امرأة حرم عليه كل أم لها

السؤال

القاعدة الشرعية تقول العقد على البنات يحرم الأمهات وهذا ما اتفق عليه جمهور العلماء ولكن في بعض كتب التفسير (ابن كثير) هناك روايات ثابتة عن علي وزيد بن ثابت وابن عباس وعبد الله بن الزبير ومجاهد وسعيد بن جبير وكلنا يعلم مكانة هؤلاء في الإسلام أنه يمكن الزواج من الأم إذا لم يتم الدخول بالبنت فهل يمكن الأخذ بهذا الرأي دون ذنب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فمذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وجماهير أهل العلم أن من تزوج امرأة حرم عليه كل أم لها من نسب أو رضاع، سواء أكانت أماً مباشرة أو جدة أم أو جدة أب فكل هؤلاء يحرمن بمجرد العقد، ودليل هذا قول تعالى بعد ذكر المحرمات: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ).
ومن نقل عنه القول بخلاف هذا من الصحابة، فقد ثبت رجوعه عنه إلا علياً.
قال الشافعي رحمه الله في الأم: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد قال: سئلَ زيد بن ثابت عن رجل تزوج امرأة ففارقها قبل أن يصيبها هل تحل له أمها؟ فقال زيد بن ثابت: لا الأم مبهمة ليس فيها شرط إنما الشرط في الربائب.
ولا يجوز الأخذ برأي من خالف الجمهور في هذه المسألة، لأنه قد انعقد الإجماع على خلافه. قال الإمام القرطبي في التفسير: فإن جمهور السلف ذهبوا إلى أن الأم تحرم بالعقد على الابنة، ولا تحرم الابنة إلا بالدخول بالأم، وبهذا قول جميع أئمة الفتوى بالأمصار، وذكر من خالف، ثم قال: وقول الجمهور مخالف لهذا، وعليه الحكم والفتيا.
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره بعد أن ذكر تراجع ابن مسعود وابن عباس: وهذا مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة.
وقال الإمام الطبري رحمه الله بعد أن ذكر خلاف بعض الصحابة في المسألة: فكل هؤلاء واللواتي سماهن الله تعالى وبين تحريمهن في هذه الآية محرمات غير جائز نكاحهن لمن حرم الله ذلك عليه من الرجال بإجماع جميع الأمة لا اختلاف بينهم في ذلك، إلا في أمهات نسائنا اللواتي لم يدخل بهن أزواجهن، فإن في نكاحهن اختلافًا بين بعض المتقدمين من الصحابة إذا بانت الابنة قبل الدخول بها من زوجها هل هن من المبهمات أم هن من المشروط فيهن الدخول ببناتهن، فقال جميع أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم: من المبهمات، وحرام على من تزوج امرأة أمها دخل بامرأته التي نكحها أو لم يدخل بها، وقالوا: شرط الدخول في الربيبة دون الأم، فأما الأم فمطلقة بالتحريم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني