الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يكفر من يقول بفناء النار ويطعن في الصحابة ويكذب بالمهدي والدجال ونزول المسيح؟

السؤال

هل يمكن تكفير (جماعة) اتبعوا أحد الأهوائيين المشهورين بالخطابة على الإنترنت، وقالوا بفناء النار، ونفي عودة المسيح عليه السلام، ونفي المهدي، والمسيح الدجال، مع طعنهم ببعض الصحابة وخصوصاً معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وقالوا بوجود دسائس في كتب الصحاح وبعدم الحجية المطلقة للإجماع وللسنة بالسند الصحيح، ويكذبون فتاوى علماء هذا العصر، وأخذو عن المعتزلة تقديم العقل عليهما. فهل يكفر صاحب هذا المعتقد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في عظم الخطر في إنكار هذه الأمور التي ثبتت أدلتها في السنة النبوية، وللإمام الشوكاني رسالة في هذا سماها: "التوضيح في تواتر ما جاء في الأحاديث في المهدي والدجال والمسيح".

وأما عن تكفيرهم، فإنه لا يشرع إلا بعد إقامة الحجة عليهم، فإن أقيمت الحجة عليهم واتضح إصرارهم على التكذيب لما ثبت في السنة فيكفرون بذلك.

قال السيوطي في مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة: فاعلموا رحمكم الله أن من أنكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء من فرق الكفرة. اهـ.

وقد سئل ابن حجر الهيتمي عمن أنكر المهدي الموعود به فأجاب: أن ذلك إن كان لإنكار السنة رأسا فهو كفر يقضى على قائله بسبب كفره وردته فيقتل، وإن لم يكن لإنكار السنة وإنما هو محض عناد لأئمة الإسلام فهو يقتضي التعزير البليغ، والإهانة بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة، وقبح هذه الطريقة، وفساد هذه العقيدة، من حبس وضرب وصفع وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح ويرجعه إلى الحق راغماً على أنفه، ويرده إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره. انتهى.

وأما القول بفناء النار، فإنه يعتبر قولا فاسدًا، قال به بعض أهل الأهواء والبدع. وسبق أن بينا بطلان هذا القول بالتفصيل وأقوال أهلم العلم حوله. انظر الفتويين : 7485، 64739. وما أحيل عليه فيهما.

وأما الطعن في الصحب كمعاوية، فهو من علامات المبتدعة، فإن صحبة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مجمع عليه بين علماء الأمة، وقد كان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى له المحدثون في كتب السنة كثيراً من الأحاديث يرويها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، وقد دل لفضله ما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال فيه: اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به. رواه الترمذي وصححه الألباني.

وقد قال النووي رحمه الله: واعلم أن سبَّ الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتنة منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون.

وقال أيضاً: قال القاضي: وسب أحدهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل، وقال بعض المالكية: يقتل. انتهى.

وأما تقديم العقل على النقل فهو خطأ عظيم، ولا سيما إن أصر صاحبه على تكذيب النصوص النقلية بعد إقامة الحجة عليه، وراجع في شأن المعتزلة وعدم تكفيرهم الفتوى: 25436.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني