الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الآداب التي يراعيها من يدخل إلى الحمامات العمومية

السؤال

هل يجب ستر المؤخرة عند الذهاب إلى الحمامات العمومية مع العلم أن القبل ـ الذكر والخصيتين ـ مستور بلباس، فـعن أبي الحسن الماضي ـ عليه السلام ـ قال: العورة عورتان: القبل والدبر، فأما الدبر مستور بالإليتين، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة ـ وفي رواية رواها الصدوق ـ رحمه الله ـ قال: قال الصادق عليه السلام: الفخذ ليس من العورة، وقال الكليني ـ رحمه الله: وفي رواية أخرى: وأما الدبر فقد سترته الإليتان، وأما القبل فاستره بيدك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على كل مسلم أن يستر عورته عمن لا يحل له النظر إليها، وعورة الرجل هي ما بين سرته وركبته على الراجح، وهو قول الجمهور، فإذا كان الرجل بحيث يراه من لا يحل له النظر إلى عورته وجب عليه أن يستر جميع العورة بلباس لا يصف لون الجلد، وأما عند الخلوة فاختلف العلماء هل يجب ستر العورة أو لا؟ واتفقوا على جواز كشفها للحاجة كحال قضاء الحاجة ونحوه، وقد بين العلماء ما يجب ويستحب من الآداب التي يراعيها من يدخل الحمامات العمومية، ونحن نسوق لك طرفا مما ذكره النووي مختصرا من كلام السمعاني وصاحب الإحياء رحم الله الجميع: جُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ أَنَّهُ مُبَاحٌ لِلرِّجَالِ بِشَرْطِ التَّسَتُّرِ وَغَضِّ الْبَصَرِ وَمَكْرُوهٌ لِلنِّسَاءِ إلَّا لِعُذْرٍ مِنْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ... وللداخل آداب منها أن يتذكر بحره حر النَّارِ وَيَسْتَعِيذَ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَرِّهَا ويسأله الجنة، وأن يكون قصده التنظف وَالتَّطَهُّرَ دُونَ التَّنْعِيمِ وَالتَّرَفُّهِ، وَأَلَّا يَدْخُلَهُ إذَا رَأَى فِيهِ عَارِيًّا، بَلْ يَرْجِعَ... وعلى دَاخِلِهِ وَاجِبَاتٌ وَسُنَنٌ، فَعَلَيْهِ وَاجِبَانِ فِي عَوْرَتِهِ صَوْنُهَا عَنْ نَظَرِ غَيْرِهِ وَمَسِّهِ، فَلَا يَتَعَاطَى أَمْرَهَا وَإِزَالَةَ وَسَخِهَا إلَّا بِيَدِهِ: وَوَاجِبَانِ فِي عَوْرَةِ غَيْرِهِ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ عَنْهَا وَأَنْ يَنْهَاهُ عَنْ كَشْفِهَا، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ فَعَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ، وَلَا يَسْقُطُ الْإِنْكَارُ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ أَوْ شَتْمٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ، وَلِهَذَا صَارَ الْحَزْمُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ تَرْكَ دُخُولِ الْحَمَّامِ، إذْ لَا يَخْلُو عَنْ عَوْرَاتٍ مكشوفة لاسيما مَا فَوْقَ الْعَانَةِ وَتَحْتَ السُّرَّةِ. ... ومن سننه أن يدخل وَقْتَ الْخَلْوَةِ أَوْ يَتَكَلَّفَ إخْلَاءَ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَمَّامِ إلَّا أَهْلُ الدِّينِ وَالْمُحْتَاطُونَ فِي الْعَوْرَاتِ فَالنَّظَرُ إلَى الْأَبَدَانِ مَكْشُوفَةً فِيهِ شَوْبٌ مِنْ قلة الحياء.. إلى آخر كلامه رحمه الله.

وأما الكلام المنقول فليس من كلام أئمة العلم من أهل السنة فلا التفات إليه ولا تعويل عليه، وعليك أن تتحرى النقل والأخذ عن أهل السنة ومن عرفوا بتعظيمها، وأن تتجنب التلقي عن أهل البدع المنحرفين عن السنة، وقد قال بعض السلف: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني