الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في الوقف إذا كان ريعه يصرف في غير ما وقف عليه

السؤال

لدي صديق يعمل في الأوقاف، فيقوم بالبحث عنها واسترجاعها، لكن المشكلة أن ريع هذه الأوقاف يوضع في صندوق بالإدارة المركزية، وبالتالي تقع مخالفة شرط الواقف، كما أن أموال هذا الصندوق لا تصرف وفق شرط الواقف في مجملها.
فما حكم العمل في هذه الوظيفة؟ وهل نحن آثمون في نقل ريع هذه الأوقاف إلى الصندوق؟
نرجو منكم الإجابة في أقرب وقت ممكن لأنه إما أن يترك العمل أو يبقى فيه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأغلب أهل العلم على أن اتباع شرط الواقف والأخذ به أمر واجب إذا خلا هذا الشرط من وجه معصية - فلا وقف إلا في وجوه القرب - فإذا شرط صرفه في وجه قربة أيا كان نوع تلك القربة وجب العمل بشرطه. وقد رأى شيخ الإسلام ابن تيمية أن صرف الوقف في أنفع مما اشترط الواقف أمر جائز.

يقول في الفتاوى: (ويجوز تغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح منه، وإن اختلف ذلك باختلاف الزمان، حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند ) انتهى.

وهو تفصيل منه رحمه الله يجري على مقتضى المصلحة.

إذا تقرر ما لأهل العلم في اتباع شرط الواقف، فإن عليك أيها السائل أن تعلم حقيقة ما يصرف فيه هذا المال في غير شرط الواقف، فإن كان في وجه أنفع فلا بأس حينئذ بالعمل معهم، وإن كان في معصية أو ماهو أقل نفعا فالأصل أن تعاون المسلمين لايكون إلا على البر والتقوى لقوله تعالى: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة : 2].

أما التعاون على المعصية فمحرم بصريح الآية، ولاشك أن هذا منه. فعليك أولا أن تنصحهم وتعظهم في هذا الصنيع، فإن انتهوا فذلك، وإلا فالعمل معهم محرم والعامل فيه آثم. غير أنك إذا علمت أن في عملك معهم تقليلا للمفسدة بأن كان ما يصرف منه حينئذ في وجهه الشرعي أكثر مما يصرف في حال غيابك عنهم، فعملك معهم والحالة هذه جائز بل أنت فيه مثاب، ونظير هذا في الشرع كثير فإن مبنى الشرع على جلب المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني