الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعرض الاحتلام على الأنبياء

السؤال

أنا مصابة بوسواس كبير جدًا، بدأ بالصلاة، ثم الوضوء، والآن مع الاحتلام أصبحت منذ أن عرفت حكمه أحتلم كثيرًا، ولا أفهم، فمرات أحتلم ولا أرى شيئًا بعد الاحتلام، المشكلة أنني في بعض المرات أحتلم وأرى سائلاً ليس أبيض، ولا أصفر، وإنما يكون شفافًا كالماء، لعله عرق، فهل عليَّ غسل؟
ومرات أرى شيئًا جافًا ليس بسائل، وهو أبيض، فهل من خصائص المني أن يجف بعد فترة؟
وأحيانًا أرى سوائل بيضاء مختلفة في اللزوجة، مع العلم أن هذه السوائل قد تنزل مني في الصباح من غير أي شيء -يعني كالإفرازات- لكن عندما تنزل مني في الليل أخاف، فهل عندما أرى حلماً ثم تنزل لا بد أن أغتسل؟ وهل كلها تعتبر منيًا؟ وهل عندما لا أحتلم وأرى هذه السوائل علي الغسل؟ علماً أنني كل يوم عندما أستيقظ أجدها من غير احتلام، فأصبحت أغتسل كل يوم وهذا مرهق جدًا، ومتلف للشعر، فشعري طويل وأصبح يجف ويتقصف، وأصبحت حزينة ومكتئبة، فعند الفجر يكون الجو باردًا، وأحيانًا أصبحت أبرد، فماذا أفعل؟
أنا لا أستطيع تمييز المني من غيره، حاولت الاطلاع على فتاوى عندكم من غير جدوى، فأنتم تقولون الأحوط أن تغتسلي، وأنا موسوسة فيقول لي الوسواس الأحوط أن تغتسلي، وأنا لا أعرف رائحة طلع النخيل هذه التي تشبه رائحة المني، أرجوكم أجيبوني بالتفصيل الممل. كيف أتعامل مع هذه الوساوس؟ وهل هناك طريقة نوم أو شيء أفعله حتى لا أحتلم؟ وقد سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحتلم أبدًا، فهل هذا صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالوسوسة من شر الأدواء وأفتك الأمراض التي متى تسلطت على عبد أوقعته في عنت شديد وحرج عظيم، فعليك أن تجاهدي هذه الوساوس، وأن تعرضي عنها ولا تلتفتي إلى شيء منها، وانظري الفتوى: 51601.

ولا يجب عليك الغسل إلا إذا تيقنت يقينًا جازمًا أنه خرج منك المني الموجب للغسل، وصفة مني المرأة والفرق بينه وبين مذيها مبينة في فتاوى كثيرة، وانظري الفتويين: 128091، 131658.

وإن شككت في الخارج هل هو مني أو مذي أو من رطوبات الفرج، فإنك تتخيرين بينها، فتجعلين له حكم ما شئت منها، وانظري الفتوى: 158767.

والحاصل أنك لا تغتسلين إلا إذا تيقنت يقينًا جازمًا تستطيعين أن تحلفي عليه أنه قد خرج منك المني الموجب للغسل.

وأما عن طريق لمنع الاحتلام، فليس إلى هذا سبيل، ولكن من احتلم لم يلزمه الغسل إلا إذا تحقق من خروج المني.

وأما كون النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحتلم أو لا؟ فهي مسألة مختلف فيها، قال في مرعاة المفاتيح في شرح قول عائشة: كان يصبح جنبًا من جماع غير احتلام. وقال القرطبي: في هذا فائدتان: إحداهما أنه كان يجامع في رمضان ويؤخر الغسل إلى بعد طلوع الفجر بياناً للجواز، والثاني: إن ذلك كان من جماع لا من احتلام، لأنه كان لا يحتلم، إذ الاحتلام من الشيطان وهو معصوم منه، وقال غيره: في قولها: من غير احتلام ـ إشارة إلى جواز الاحتلام عليه وإلا لما كان للاستثناء معنىً، ورد بأن الاحتلام من الشيطان وهو معصوم منه، وأجيب بأن الاحتلام يطلق على الإنزال، وقد يقع الإنزال بغير رؤية شيء في المنام. انتهى.

وقال النووي: احتج به من أجاز الاحتلام على الأنبياء، وفيه خلاف، والأشهر امتناعه، لأنه من تلاعب الشيطان. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني