الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى وجوب إنفاق الزوج على زوجته قبل الدخول

السؤال

سأحكي لكم قصتي مع زوجي وأهله وانصحوني ماذا أفعل؟
خُطِبت منذ سنة, واشتريت ذهبًا 4100جرام, وأمي دفعت قيمة 1600جرام منه, ولم أستلم الذهب, ثم جاء حماي إلى أمي واستلف منها 5000جنيه منذ سنة أيضًا, ولم يسددوا حتى الآن, ثم عُقِد قِراني, ونحن نجهز المنزل إلى الآن, وكنت أعمل, ومن مالي كنت أقرض زوجي, ولكنه لم يرجعه, ولأنه محترم ويتحملني تحملت, ثم قرر أن أستقيل من العمل, وأن مصاريفي ستكون عليه, ومنذ استقالتي لم يعطني مصاريف, حتى علاجي يكون على نفقة أمي, ووالدي متوفىً, وأمي وأخي هما اللذان اشتريا جميع الأجهزة الكهربائية, حتى المكيفات والمراوح, وأمي هي من أقرضته قيمة غرفة النوم 15 ألف جنيه, وكذلك أقرضته قيمة غرفة الأطفال 4000جنيه, وأمي هي من أتت بالدولاب, أما الباقي فاشتراه أهلي من أغلى الماركات, وكان زوجي وأبوه يقترضان من أمي إلى أن وصل المبلغ لأكثر من 30 ألف جنيه, وكلما طلبت أمي منهم سداد المال يقولون: نحن ننوي السداد, فاصبري, وأنا أقول: فلنصبر عليهم للآخر, وأخاف من عقاب ربنا, وأقول: سأساعده, وكلما تأتي مناسبة مثل: العيد, أو رمضان لا يسألون, ولا يرسلون أي شيء, ويعتذرون بالظروف, وعندما يحتاجون يتصلون لمصلحتهم, وشقتي في بيت عائلته, والمفتاح معهم, ويصعدون للأعلى, ولدي أغراض كثيرة جدًّا من حاجياتي في الشقة, وقد أتيت بإسطوانتين مليئتين, وقد أخدوا إحداهما بحجة أنه لا يوجد, وكل هذا يضايقني, وأسكت خوفًا من عقاب ربنا, وأنا لا أعرف كيف أتعامل معهم, هل أتخذ موقفًا أم ماذا؟
وما حكم الشرع في إهمالهم لي في المناسبات - حتى ولو بمكالمة هاتفية -؟
وما حكم الشرع في الدَّين الذي عليهم؟
بالإضافة لمفتاح الشقة, وأمي غاضبة جدًّا مني, وتقول لي: أنتِ السبب في تعاملهم معنا بهذه الطريقة, مع العلم أن سني 24سنة, وحاصلة على البكالوريوس, وزواجنا تمَّ عن طريق معرفة أخي.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يتبادر من السؤال أن الزواج قد تمَّ بالفعل, وعليه نقول: إن علاقتك بأهل زوجك, وسؤالهم عنك, وزيارتهم لكم, وجلب الهدايا في المناسبات, كل هذه الأمور ينبغي أن يراعى فيها العرف السائد ما لم يخالف الشرع.

وعلى كل حال فمثل هذه الأمور ينبغي ألا تكون سببًا للشقاق بينك وبين زوجك، أما إنفاق زوجك عليك قبل أن يدخل بك فالأصل أن ذلك لا يلزمه, إلا إذا عرضت عليه تسليم نفسك للدخول وأبى فتلزمه نفقتك بالمعروف حينئذ، جاء في المدونة : " قَالَ مَالِكٌ: إذَا دَعَوْهُ إلَى الدُّخُولِ فَلَمْ يَدْخُلْ لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ." وقال الرحيباني الحنبلي : " (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الزَّوْجَ (تَسَلُّمُهَا) أَيْ: الزَّوْجَةَ (إنْ بَذَلَتْهُ) فَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ تَسَلَّمَهَا أَوْ لَا; لِوُجُودِ التَّمْكِينِ حَيْثُ كَانَتْ مِمَّنْ يَلْزَمُ تَسْلِيمَهَا " مطالب أولي النهى - (5 / 256)
لكن إن كنت تركت عملك بناءً على وعده لك بالإنفاق عليه, فالوعد يستحب الوفاء به ولا يجب عند الجمهور، وذهب المالكية إلى وجوب الوفاء بالوعد الذي دخل بسببه الموعود في التزام، وقد رجحنا هذا القول في الفتويين: 12729، 136437
والظاهر أن الحال المذكورة تدخل في هذه المسألة، قال في فتح العلي: " قَالَ سَحْنُونٌ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ الْوَعْدِ اهْدِمْ دَارَك وَأَنَا أُسْلِفُك مَا تَبْنِي بِهِ, أَوْ اُخْرُجْ إلَى الْحَجِّ وَأَنَا أُسْلِفُك، أَوْ اشْتَرِ سِلْعَةً .."

وأما الديون الحالَّة التي عليهم لأمك, فالواجب عليهم سدادها, إلا إذا كانوا معسرين, فيجب إنظارهم, وانظري الفتوى رقم : 34990

ولا حق لهم في أخذ شيء من أثاث بيت الزوجية ما دام ملكًا لك, ولا الانتفاع به من غير إذنك، وفيما يخص حيازتهم لمفتاح الشقة راجعي الفتوى رقم : 179565

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني