الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القول الراجح في إمامة الصبي

السؤال

أود أن أسأل إذا كان يجوز لابني البالغ من العمر ثماني سنوات أن يؤمني في الصلاة لأنه يرغب في ذلك ويرفض أن يصلي إلا إذا كان إماما وهل أصلي معه لأشجعه ثم أعيد الصلاة ؟ وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالصحيح من أقوال أهل العلم صحة إمامة الصبي للبالغين -رجالاً كانوا أو نساء- ولا إعادة عليهم، بشرط أن يكون ممن يحسن الصلاة.
وقد لخص الإمام النووي -رحمه الله تعالى- مذاهب العلماء في هذه المسألة، ورجح القول الذي ذكرناه فقال: (فرع في مذاهب العلماء في صحة إمامة الصبي للبالغين.. قد ذكرنا أن مذهبنا صحتها، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وإسحاق بن راهويه وأبي ثور قال: وكرهها عطاء والشعبي ومجاهد ومالك والثوري وأصحاب الرأي، وهو مروي عن ابن عباس. وقال الأوزاعي: لا يؤم في مكتوبة إلا أن لا يكون فيهم من يحفظ شيئاً من القرآن غيره، فيؤمهم المراهق. وقال الزهري: إن اضطروا إليه أمهم، قال ابن المنذر: بالجواز أقول. وقال العبدري: قال مالك وأبو حنيفة: تصح إمامة الصبي في النفل دون الفرض، وقال داود: لا تصح في فرض ولا نفل. وقال أحمد: لا تصح في الفرض، وفي النفل روايتان، وقال القاضي أبو الطيب: قال أبو حنيفة ومالك والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق: لا يجوز أن يكون إماماً في مكتوبة، ويجوز في النفل. قال: وربما قال بعض الحنفية لا تنعقد صلاته واحتج بحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق. رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح. وروياه أيضاً من رواية عائشة رضي الله عنها. وعن ابن عباس من قوله: لا يؤم غلام حتى يحتلم. ولأنه غير مكلف فأشبه المجنون.
واحتج أصحابنا بحديث عمرو بن سلمة الذي احتج به المصنف أنه قال: أممت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام ابن سبع سنين. وبقوله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. رواه مسلم ، ولأن من جازت إمامته في النفل جازت في الفرض كالبالغ. والجواب عن حديث "رفع القلم" أن المراد رفع التكليف والإيجاب، لا نفي صحة الصلاة. والدليل عليه حديث ابن عباس في الصحيحين أنه صلى مع النبي صلى الله عليه، وحديث أنس في الصحيحين أنه صلى هو واليتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم.. وغيرها من الأحديث الصحيحة. وأما المروي عن ابن عباس فإن صح فمعارض بالمروي عن عائشة من صحة إمامة الصبيان. وإذا اختلفت الصحابة لم يحتج ببعضهم. ويخالف المجنون فإنه لا تصح طهارته ولا يعقل الصلاة).
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني