الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لزوجته بعد الشجار: أنت مثل أمي

السؤال

تشاجرت أنا وزوجتي وقلت لها من اليوم أنت مثل أمي، وهذا منذ أكثر من ثلاثة أشهر مع أنني كنت أعي هذا الكلام ونطقتها أكثر من مرة ثم تصالحنا وعادت الحياة كسابق عهدها وتعاشرنا، والآن لا أعلم هل علي كفارة أم لا؟ وهل ما زالت زوجتي أم لا؟ وهل يوجد حكم في ذلك؟ أرجو الإفادة ولكم جزير الشكر وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا القول الذي صدر منك بعد الشجار مع زوجتك حكمه حكم الظهار سواء قصدت به ذلك عند النطق أو لم تقصد شيئا معينا على القول الراجح من كلام العلماء ـ والله أعلم ـ لأن قرينة الشجار تصرفه إلى الظهار، قال ابن قدامة رحمه الله: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي، أَوْ: مِثْلُ أُمِّي، وَنَوَى بِهِ الظِّهَارَ، فَهُوَ ظِهَارٌ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.... وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نِيَّتِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: فِيهِ رِوَايَتَانِ، أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ حَتَّى يَنْوِيَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ........ وَاَلَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الظِّهَارِ، مِثْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مَخْرَجَ الْحَلِفِ....... أَوْ قَالَ ذَلِكَ حَالَ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ، فَهُوَ ظِهَارٌ..... وَوُقُوعُ ذَلِكَ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَذَاهَا، وَيُوجِبُ اجْتِنَابَهَا، وَهُوَ الظِّهَارُ.

وفي فتاوى اللجنة الدائمة: إذا قال الزوج لزوجته: أنا أخوك أو أنت أختي، أو أنت أمي أو كأمي، أو أنت مني كأمي أو كأختي، فإن أراد بذلك أنها مثل ما ذكر في الكرامة أو الصلة والبر أو الاحترام أو لم يكن له نية ولم يكن هناك قرائن تدل على إرادة الظهار، فليس ما حصل منه ظهارا، ولا يلزمه شيء، وإن أراد بهذه الكلمات ونحوها الظهار، أو قامت قرينة تدل على الظهار مثل صدور هذه الكلمات عن غضب عليها أو تهديد لها فهي ظهار، وهو محرم، وتلزمه التوبة، وتجب عليه الكفارة قبل أن يمسها.

وعليه، فالزوجية لا تزال قائمة، ولكن يجب عليك أن تكفر كفارة الظهار المذكورة في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة:3ـ4 }.

علما بأن المظاهر لا يجوز له الاستمتاع بزوجته قبل أن يكفر، وراجع الفتوى رقم: 33992 والفتوى رقم: 127989

وراجع الفتوى رقم: 192.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني