الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموقف الشرعي لمن ينصح أخته بالحجاب وأبوه يعترض عليه

السؤال

أخوكم في الله عمره 22 عامًا, يريد النصيحة؛ لأنني أتألم كل يوم بسبب هذا الموضوع وهو: أنني أصبحت ملتزمًا إلى حدٍ ما - والله تعالى أعلم - ولكنني أعيش في بيئة غير مهيأة لذلك إلى درجة كبيرة؛ حيث إن والدِي لم ينصح بالصلاة, ولا والدتي, ولكن الله هداني إلى صراطه المستقيم - والحمد لله - ولكن المشكلة الكبرى في أختي الصغيرة فقد كنا في العمرة السنة السابقة, ولاحظت أن حجابها لم يستر عورات المرأة بالمعنى الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم, فأحيانًا رقبتها تظهر عندما يشتد الهواء, ولم ترتدي جوارب فتظهر قدمها وتصلي بها هي وأمي, وما شابه ذلك, وعندما أتحدث إليها في شأن هذا ينقدني أبي وأمي, ويقولان: إنهما هما المسئولان عنها, فلم أتدخل في حياتها منذ فترة, ولكنني أغضب من داخلي, وشبيه ذلك في زيّها, فأحيانًا ترتدي البنطلون, ووالدي عندما ألفت نظره إلى ذلك يعاتبها, ولكن دون جدوى, فتعود إلى نفس اللبس, وهكذا, وكذا الحال مع أمي, فهي تقول: إنها صغيرة - مع العلم أن سنها 16 سنة - وأكبر منها يفعلون أكثر من ذلك, فماذا أفعل؟
هل أعتبر ديوثًا كما أشار الرسول صلى الله عليه وسلم أم يسقط الوزر ويتحمله أبي وأمي؟
وماذا أفعل لإنهاء هذا الحال؟
مع العلم أنني فكرت في الخروج من البيت بلا رجعة.
أفيدوني - جزاكم الله كل الخير- وآسف للإطالة.

الإجابــة

2370128

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على غيرتك على دينك وعرضك، وحرصك على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونسأله سبحانه أن يثبتك على الصراط المستقيم.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة من فرائض الدين، وهو دائر بين فرض العين وفرض الكفاية، وقد جاء بكل منهما قول لأهل العلم، ويمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 180067، وإذا لم يقم الوالدان بهذه المسئولية فليس من حقهما الإنكار على من قام بها, ولكن ننبه هنا إلى أنه ينبغي مراعاة آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي سبق بيان بعضها بالفتوى رقم: 99257 عسى أن يؤتي ثمرته, فعليك بالاستمرار في نصح أختك, والتلطف بها في ذلك, ومداراتها حتى تكسب ودها, ويسهل التأثير عليها, والنبي صلى الله عليه وسلم قال:" لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" متفق عليه.

وإذا بذلت النصح على وجهه الصحيح فقد أديت الذي عليك, ومن أنكر المنكر لا يكون ديوثا، فالديوث هو الذي لا تكون منه غيرة على محارمه, كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 56653, ومسؤولية تقويم أختك تقع بالدرجة الأولى على وليها والمسؤول عنها وهو أبوك، إذ يجب عليه أن يأخذ بزمامها, ويحد من تصرفاتها المخالفة للشرع، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}.

وأما ترك البيت فلا ينبغي لك الإقدام عليه، فوجودك فيه ربما كان سببا في إيصال الخير إلى أهلك، أو على الأقل تقليل الشر والفساد, ثم إن بقاءك مع والديك وبرك بهما وإحسانك إليهما ربما يكون له أثر طيب عليهما, تسوقهما بسببه إلى التوبة والهداية، وقد تصلح أختك بصلاحهما, وإذا استمرت على غيها، ورجوت أن ينفعها الهجر فاهجرها، وإلا فدع، فقد يغلب أحيانا مصلحة الهجر، وقد يغلب مصلحة التأليف باختلاف أحوال الناس، وانظر الفتوى رقم 21837 والفتوى رقم 29790.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني