الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذكر آيات من القرآن أو السنة على سبيل المزاح

السؤال

أريد أن أعرف كيف نفرق بين الاستهزاء الذي هو مخرج من الملة ـ والعياذ بالله ـ وبين المزاح يعني قد يمزح أحد الأشخاص في أمور الدين ولكنه ملتزم ولا يقصد أبدا الاستهزاء بالدين أو الإساءة، فهل يكفر هذا ـ والعياذ بالله ـ رغم أنه لم يقصد الاستهزاء، مثال: زوجة كانت تقرأ مع زوجها كتاب رياض الصالحين فكانت تقول: هذا باب في النصيحة سأقرؤه، فقال لها زوجها ممازحا: باب البيت أو باب الدار ومرة قال بدل رياض الصالحين رياض الفالحين دون قصد الاستهزاء بالعلم أو الإساءة، فما الحكم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الاستهزاء المخرج من الملة هو ما كان فيه سخرية واستخفاف بالدين وشعائره، سواء كان هذا على سبيل الجد أو المزاح، قال الشيخ العثيمين: كثرة المزاح لا خير، فيه وقد قيل: المزح في الكلام كالملح في الطعام لا يصلح الطعام بدونه، ولا يصلح الطعام إذا زاد الملح، ثم إن من الناس من يتجاوز في المزح فيذكر من الألفاظ النابية في حق إخوانه ما لا يليق، وربما يصل ذلك إلى أبعد من هذا فقد يكون منه سخرية بشيء من العبادات أو بشيء من الدين، وهذا خطير جدا جدا قد يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله... اهـ.

وسئل رحمه الله: كثيرا ما يتناقل بعض الناس أثناء الحديث على ألسنتهم آيات من القرآن الكريم أو من السنة على سبيل المزاح، مثاله: كأن يقول بعضهم: فلان: ناقة الله وسقياها {الشمس:13} أو قول بعضهم للبعض: لكم دينكم ولي دين ـ وهكذا ومن السنة: كأن يقول أحدهم إذا ذكر ونصح بترك المعصية: يا أخي التقوى هاهنا، أو قوله: إن الدين يسر وهكذا، فما قولكم في أمثال هؤلاء وما نصيحتكم لهم؟ فقال: أما من قال هذا على سبيل الاستهزاء والسخرية فإنه على خطر عظيم، وقد يقال إنه خرج من الإسلام، لأن القرآن لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتخذ هزوا، وكذلك الأحكام الشرعية؛ كما قال الله تبارك وتعالى: يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون* ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون* لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين { التوبة:64ـ66} ولهذا قال العلماء رحمهم الله: من قال كلمة الكفر ولو مازحا فإنه يكفر، ويجب عليه أن يتوب، وأن يعتقد أنه تاب من الردة، فيجدد إسلامه، فآيات الله عز وجل ورسوله أعظم من أن تتخذ هزوا أو مزحا، أما من استشهد بآية على واقعة جرت وحدثت فهذا لا بأس به، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشهد بالآيات على الوقائع، فاستشهد بقوله تعالى: إنما أموالكم وأولادكم فتنة {التغابن:15} حينما جاء الحسن والحسين يتعثران في أثوابهما فنزل من المنبر صلى الله عليه وسلم وقال: إنما أموالكم وأولادكم فتنة {التغابن:15} فالاستشهاد بالآيات على الوقائع لا بأس به، وأما أن تنزل الآيات على ما لم يرد الله بها ولاسيما إن قارن ذلك سخرية واستهزاء فالأمر خطير جدا. اهـ.

وما ذكرته من مثال لا يدخل في الاستهزاء بالدين وشعائره، ونصيحتنا لك الحذر الشديد من تكفير المسلمين، أو إساءة الظن بالمؤمنين، وأن لا تسترسلي مع الوساوس، فإن الاسترسال معها شر عظيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني