الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ختم القرآن في الصلاة ودعاء الختمة فيها

السؤال

دعاء ختم القرآن في الصلاة بقنوت ما هو دليله؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالدعاء عند ختم القرآن مستحب خارج الصلاة، وقد بينا دليل ذلك في الفتوى رقم: 57078.

وأما في الصلاة: ففي استحبابه خلاف، ومذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أنه يستحب، ونقله عن سفيان بن عيينة وأهل مكة وهم من هم في الاتباع، فالظاهر أنهم أخذوه عمن قبلهم، وقد فصل الموفق في المغني مذهب أحمد في المسألة وما احتج به فقال ما لفظه: فَصْلٌ: فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ: قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْت: أَخْتِمُ الْقُرْآنَ، أَجْعَلُهُ فِي الْوِتْرِ أَوْ فِي التَّرَاوِيحِ؟ قَالَ: اجْعَلْهُ فِي التَّرَاوِيحِ، حَتَّى يَكُونَ لَنَا دُعَاءً بَيْنَ اثْنَيْنِ، قُلْت: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: إذَا فَرَغْتَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ فَارْفَعْ يَدَيْكَ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ، وَادْعُ بِنَا وَنَحْنُ فِي الصَّلَاةِ، وَأَطِلْ الْقِيَامَ، قُلْت: بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: بِمَا شِئْت، قَالَ: فَفَعَلْت بِمَا أَمَرَنِي، وَهُوَ خَلْفِي يَدْعُو قَائِمًا، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْت أَحْمَدَ يَقُولُ فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ: إذَا فَرَغْت مِنْ قِرَاءَةِ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ {الناس: 1} فَارْفَعْ يَدَيْكَ فِي الدُّعَاءِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، قُلْت: إلَى أَيِّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِي هَذَا؟ قَالَ: رَأَيْت أَهْلَ مَكَّةَ يَفْعَلُونَهُ، وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَفْعَلُهُ مَعَهُمْ بِمَكَّةَ، قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ: وَكَذَلِكَ أَدْرَكْنَا النَّاسَ بِالْبَصْرَةِ وَبِمَكَّةَ وَيَرْوِي أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا شَيْئًا، وَذُكِرَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. انتهى.

وممن نصر القول باستحبابه العلامة عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ وذكر أنه لا يعلم فيه خلافا عن السلف، واستدل بالقياس على الدعاء خارج الصلاة، قال الشيخ ما ملخصه: لم يزل السلف يختمون القرآن ويقرءون دعاء الختمة في صلاة رمضان، ولا نعلم في هذا نزاعا بينهم، فالأقرب في مثل هذا أنه يقرأ لكن لا يطول على الناس، ويتحرى الدعوات المفيدة والجامعة مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب جوامع الدعاء، ويدع ما سوى ذلك... والحاصل أن هذا لا بأس به ـ إن شاء الله ـ ولا حرج فيه، بل هو مستحب، لما فيه من تحري إجابة الدعاء بعد تلاوة كتاب الله عز وجل. وكان أنس ـ رضي الله عنه ـ إذا أكمل القرآن جمع أهله ودعا في خارج الصلاة، فهكذا في الصلاة، فالباب واحد، لأن الدعاء مشروع في الصلاة وخارجها، وجنس الدعاء مما يشرع في الصلاة فليس بمستنكر، ومعلوم أن الدعاء في الصلاة مطلوب عند قراءة آية العذاب وعند آية الرحمة، فهذا مثل ذلك... ولا أعلم عن السلف أن أحدا أنكر هذا في داخل الصلاة، كما أني لا أعلم أحدا أنكره خارج الصلاة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني