الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحسن في الإصلاح وأساء في الحلف

السؤال

ما حكم حلف بيمين لغرض تجنب طلاق بين زوجين؟ وهل عليه كفارة وما حكمها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:


فمن مقاصد الشرع العظيمة أن يتآخى المسلمون ويترابطوا فيما بينهم برباط واحد، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10].
وقال صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم" متفق عليه من حديث ابن عمر.
ولذلك فقد حرم الإسلام كل ما يفسد العلاقة بين المسلمين بعضهم البعض من الغيبة والنميمة وما إلى ذلك، ودعا المسلمين إلى نبذ الفرقة والاختلاف، وإلى الإصلاح فيما بينهم، قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:114].
بل بلغ من حرص الإسلام على الألفة والوئام بين المسلين أن رخص في الكذب للإصلاح بين الناس كما في حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً" متفق عليه.
وفي رواية مسلم زيادة، قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث، تعني: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل لامرأته، وحديث المرأة زوجها.
وقد أحسن السائل الكريم بإصلاحه بين الزوجين، ولكنه أساء بحلفه اليمين، فإذا كان قد حنث فيها -وهو الظاهر من كلامه- فعليه كفارة يمين على نحو ما جاء في قوله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ) [المائدة: 89].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني