الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماء الغسل لا يصير مستعملا إلا إذا انفصل عن جميع البدن

السؤال

عند الاغتسال يخرق الهواء الماء المتساقط من أعلى الجسم إلى أسفله فينفصل الماء عن الجسم ثم يعود إليه مثل الرأس والصدر والبطن والذكر والأنثيين، فهل يعد هذا ماء مستعملا، ويجب صب الماء مرة أخرى لتطهير الأسفل أم يظل الماء طهورا حتى ينفصل عن الجسم كله، وعندئذ يكفي صب الماء مرة على الجسم كله ويطهر ما أصابه الماء؟ أرجو البيان بدقة مع ذكر الدليل الشرعي لأن هذا الأمر يجعلني أمكث طويلا في غسل الجنابة مع وسوستي الشديدة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما، ونحن ننصحك بتجاهل هذه الوساوس والإعراض عنها وألا تعيرها اهتماما، واعلم أن القول الراجح في الدليل هو طهارة الماء المستعمل، وانظر الفتوى رقم: 140654. وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 181305 أن ترخص الموسوس وأخذه بأيسر الأقوال مما لا حرج فيه، فينبغي لك أن تعتمد هذا القول ليزول عنك الإشكال في هذا الباب بالمرة.

ثم اعلم عافاك الله أن ما استشكلته إنما هو محض وسوسة، وقد نص الفقهاء على أن بدن المغتسل كالعضو الواحد، وأن الماء لا يصير مستعملا إلا إذا انفصل عن جميع البدن، قال في البحر الرائق: وَقَدْ انْدَفَعَ بِمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا مَا اسْتَشْكَلَهُ بَعْض الْمُحَشَّيْنِ مِنْ زَوَالِ الْجَنَابَةِ بِصَبِّ الْمَاءِ مِنْ الرَّأْسِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ عَلَى رِوَايَةِ التَّجَزِّي وَقَالَ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ، وَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ وَسُوءُ فَهْمٍ، فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْبَدَنَ فِي الْغُسْل كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاء لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بَعْد الِانْفِصَالِ عَنْ الْعُضْو، فَعَلَى رِوَايَة التَّجَزِّي لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا إذَا انْفَصِلْ عَنْ جَمِيع الْبَدَنِ، وَإِنْ زَالَتْ الْجَنَابَة عَنْ كُلّ عُضْو انْفَصِلْ عَنْهُ الْمَاءِ، وَهَذَا ظَاهِرِ لَا يَخْفَى. انتهى.

وقال النووي: حكم الاستعمال إنما يثبت بعد الانفصال عن العضو، وبدن الجنب كعضو واحد، ولهذا لا ترتيب فيه. انتهى.

فاترك عنك هذه الوساوس ولا تلتفت إلى شيء منها. نسأل الله لك الشفاء والعافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني