الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يضمن من تصرف في مال غيره بغرض حفظه وخسر

السؤال

1- أخ من سوريا وكله صاحب له بإيصال مبلغ 130 ألف ليرة لعائلات المجاهدين، ولكن اعتقل الأخ قبل أن يوصلها بأيام ثم زوجته خافت من الاعتقال وأخذ المال منها من قبل المخابرات، فقامت بشراء قطعة أرض بالمبلغ وهي لا تعلم لمن المبلغ، وبعد ست سنوات من الاعتقال أخبر الزوج زوجته أن المبلغ لعائلات الشهداء وهم الآن يريدون بيع الأرض، ولكنها لا تباع إلا بـ 60 ألف ليرة ، أي نصف القيمة، والسؤال :
- هل يجب بيع الأرض على الفور وتوصيل المبلغ، وماذا يجب على الزوج فعله تجاه الخسارة التي حدثت هل يعوضها من ماله،؟. أم يجوز للزوج أن ينتظر حتى يرتفع سعر الأرض ثم يبيعها .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما هذا الزوج الذي داهمه الاعتقال، وترك المال المرسل معه في بيته، ولم يفرط في إيصاله لأصحابه، فلا ضمان عليه، فيما حصل لهذه الوديعة، لعدم حصول التعدي منه، أو التفريط، والقاعدة في ضمان الأمانة إنما هي أحد هذين، فما لم يتعد الأمين أو يفرط، فلا ضمان عليه، ففي الحديث عند البيهقي، وحسنه الشيخ الألباني: لا ضمان على مؤتمن.

وكذلك الزوجة التي تصرفت في هذا المال بقصد حفظه لا ضمان عليها ، لأنها محسنة، قال في مطالب أولي النهى: ( ويجوز ذبح ) حيوان ( مأكول ) إذا ( خيف موته ) صرح به في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم ( ويتجه ) أنه ( يجب ) عليه ذبح الحيوان المأكول استنقاذا له من التلف وحفظا لماليته وهو متجه ( وكذا بيع ما ) - أي : متاع أو حيوان - ( استنقذه ) من مهلكة ( خوف تلفه ) قال الشيخ تقي الدين : وإن وجد فرسا لرجل من المسلمين مع أناس من العرب - أي : قطاع الطريق - فأخذ الفرس منهم ثم إن الفرس مرض بحيث لم يقدر على المشي جاز للآخذ بيعه بل يجب عليه في هذه الحالة أن يبيعه لصاحبه وإن لم يكن وكله في البيع ونص عليه الأئمة على هذه المسألة ونظائرها، ويحفظ الثمن لربه. انتهى. ( ويتجه وكذا ) يجوز بيع ( نحو وديعة ) كلقطة ( ورهن ) خيف تلفه ويحفظ ثمنه لربه وهو متجه ( ولا يضمن ما نقصه ) حيوان مأكول ( بذبح لأنه متى كان العمل في مال الغير إنقاذا له من التلف ) المشرف عليه ( جاز ) بغير إذن مالكه ولا ضمان على المتصرف إن حصل به نقص لأنه محسن .

وقال ابن القيم رحمه الله: لو رأى موتا بشاة غيره أو حيوانه المأكول فبادر بذبحه ليحفظ عليه ماليته كان محسنا ولا سبيل على محسن، ومن ضمّنه فقد سد باب الإحسان إلى الغير في حفظ ماله . ومن ذلك لو رأى السيل يقصد الدار المؤجرة فبادر وهدم الحائط ليخرج السيل ولا يهدم الدار كلها كان محسنا ولا يضمن الحائط، ومن ذلك لو وقع حريق في الدار فبادر وهدمها على النار لئلا تسري لم يضمن، ومنها لو رأى العدو يقصد مال غيره الغائب فبادر وصالحه على بعضه كان محسنا ولم يضمن .

فما دامت الزوجة فعلت ذلك محافظة على المال، ولم تكن تعلم أصحابه لترده عليهم، فهي محسنة، ولا يلزمها شيء، وتكون الأرض ملكا لمن يستحق تلك الأموال ، فإن شاءوا هم أو من يقوم مقامهم باعوها ، أو أبقوها حتى يرتفع سعرها .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني