الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحصل التحريم بالشك في عدد الرضعات ويشترط أن يكن متفرقات

السؤال

أرضعتني جدتي زوجة جدي ثلاث رضعات – وجبات – مشبعات, أرضعتني الرضعة الأولى ثم الثانية بعدها بساعة, ثم الثالثة بعدها بساعتين, كل رضعة يكون فيها أكثر من خمس مصات, ما بين كل مصة والثانية أي وقت؛ لأن جدتي تقول: إنني كلما أترك أرجع في نفس الوقت, والمعلوم أن الرضعة هي المرة، فمتى التقم الصبي الثدي فامتص منه ثم تركه باختياره لغير عارض كان ذلك رضعة, فأما إن قطع لضيق نفس، أو للانتقال من ثدي إلى ثدي، أو لشيء يلهيه، أو قطعت عنه المرضعة، فإن لم يعد قريبًا فهي رضعة، وإن عاد في الحال فجميع ذلك رضعة واحدة على الراجح, قال صديق حسن خان: الرضعة أن يأخذ الصبي الثدي فيمتص منه ثم يستمر على ذلك حتى يتركه باختياره لغير عارض, وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: الرضعة ما كانت منفصلة عن أختها بزمن بيّن يظهر فيه الانفصال، وهذا هو اختيار ابن القيم، وشيخنا السعدي - رحمه الله -، وهو الأقرب للصواب؛ وبناءً على ذلك: لو تحول الطفل عن ثدي المرضعة لأنه سمع صوتًا أو حولته المرأة إلى ثديها الآخر، أو تركه لبكاء، فهذا لا يخرجها عن كونها رضعة، ولا يشترط أن تكون كل رضعةٍ في يوم، بل ربما تكون الرضعة الأولى في الساعة الواحدة، والرضعة الثانية في الساعة الثانية, وهكذا, والمعلوم في شروط الرضعة: أنه يشترط في الرضعات أن تكون متفرقات، وبهذا قال الشافعي وأحمد, وسؤالي هو: ما حكم الرضاعة؟ لأنني أريد الزواج من بنت عمي, وأنا استخرت في الزواج منها أكثر من ثلاث مرات وارتحت في الزواج منها, فهل يجوز لي الزواج بها؟
أرجو توضيح الإجابة هل يجوز أم لا يجوز؟ علمًا أنني استفتيت بموقعكم هذا – عن طريق الفتوى المباشرة - وأفتوني بأنه يجوز لي الزواج من بنت عمي, ولكنني أريد أن أوضح الإجابة على موقعكم, وكذلك فأنا استخرت بالزواج من بنت عمي أكثر من ثلاث مرات - والحمد لله - ارتحت للزواج منها, فأرجو أن تجاوبوني بأسرع وقت ممكن - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في عدد الرضعات التي يحصل بها التحريم، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة - في رواية - إلى حصول التحريم برضعة واحدة، وذهب الشافعية والحنابلة في الصحيح من المذهب إلى اشتراط خمس رضعات للتحريم، وهو المفتى به عندنا.

وإذا حدث شك في الرضاع أو عدده لم يحصل التحريم، قال ابن قدامة في المغني: " وإذا وقع الشك في وجود الرضاع أو في عدد الرضاع المحرم هل كملا أو لا لم يثبت التحريم؛ لأن الأصل عدمه, فلا تزول عن اليقين بالشك ".

ويشترط أن تكون الرضعات متفرقات، قال ابن قدامة في المغني: " والمرجع في معرفة الرضعة إلى العرف؛ لأن الشرع ورد بها مطلقًا ولم يحدّها بزمن ولا مقدار فدلّ ذلك على أنّه ردّهم إلى العرف, فإذا ارتضع الصبي وقطع قطعًا بينًا باختياره كان ذلك رضعة, فإذا عاد كانت رضعة أخرى", والظاهر من سؤالك - والله أعلم - أن الرضعات كانت ثلاثًا لا أكثر؛ وعليه فلم يحصل التحريم بهذا الرضاع على المذهب المفتى به عندنا، لكن الأحوط والذي ننصحك به ترك الزواج من ابنة عمك؛ مراعاة لمذاهب الفقهاء القائلين بحصول التحريم بمطلق الرضاع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني