الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكفاءة المعتبرة في النكاح

السؤال

السلام عليكم ورحمة اللهلدي استفسار . عمري 28 سنة تقدم لخطبتي شاب متدين بسيط عامل لكن المشكلة أنه ليس حاصلا على مستوى علمي مع العلم أنني متحصلة على شهادة جامعية فهل يعتبر مشكلاً أم لا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف الفقهاء في اشتراط الكفاءة في الزواج بمعنى أن يكون الزوج كفئاً لزوجته، أي مساوياً لها في المنزلة، ونظيراً لها في المركز الاجتماعي والمستوى الخلقي والمالي، فذهب ابن حزم إلى عدم اعتبار الكفاءة وقال: أي مسلم -ما لم يكن زانياً- فله الحق أن يتزوج أية مسلمة، ما لم تكن زانية.
وذهب جماعة إلى أن الكفاءة معتبرة، لكن اعتبارها بالاستقامة والخلق خاصة، فلا اعتبار لنسب، ولا لصناعة، ولا لغنى، ولا لشيء آخر، فيجوز للرجل الصالح الذي لا نسب له أن يتزوج المرأة النسيبة، ولصاحب الحرفة الدنيئة أن يتزوج المرأة الرفيعة القدر، ولمن لا جاه له أن يتزوج صاحبة الجاه والشهرة، وللفقير أن يتزوج الغنية ما دام مسلماً عفيفاً، فإذا لم يتوفر شرط الاستقامة عند الرجل فلا يكون كفئاً للمرأة الصالحة، ولها الحق في طلب فسخ العقد إن كانت بكراً وأجبرها أبوها على الزواج من الفاسق، وهذا هو قول المالكية ومن وافقهم.
ويرى بعض الفقهاء أن ثمة أموراً أخرى لابد من اعتبارها في الرجل منها النسب، فالعرب بعضهم أكفاء بعض، وقريش بعضهم أكفاء بعض، والأعجمي لايكون كفئا للعربية، والعربي لا يكون كفئاً للقرشية، وهو قول للشافعية والحنفية، ومنها الحرفة: إذا كانت المرأة من أسرة تمارس حرفة شريفة فلا يكون صاحب الحرفة الدنيئة كفئاً لها، وإذا تقاربت الحرف فلا اعتبار للتفاوت فيها وهو قول للشافعية ورواية عن أحمد وأبي حنيفة. والراجح ما ذهبت إليه المالكية من اعتبار الكفاءة بالاستقامة والخلق على وجه الخصوص، وذلك لقوله تعالى:يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13].
ولقوله صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. رواه الترمذي من حديث أبي حاتم المزني، وهو الذي رجحه ابن القيم فقال في زاد المعاد: فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر. ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك. انتهى كلامه.
وبناءً على ما سبق، ننصح السائلة الكريمة ألا تتردد في قبول ذاك الشاب المتدين زوجاً لها إذ لا يضره كونه ليس لديه مستوى تعليمي وإن كنت تحملين شهادة جامعية، فيكفيه دينه وخلقه ليكون كفئا لك ما دمت ذات دين وخلق كذلك، وعليك أن تعلمي أن صاحب الدين لا يقارن بغيره لسبب بسيط وهو أنه إن أحبك أكرمك وإن أبغضك كان دينه حاجزا بينه وبين أن يظلمك، وليس هذا الخلق إلا لصاحب الدين فمن لا دين له إذا أبغض ظلم واعتدى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني