الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إعادة قسمة الشركة بادعاء أحد الشريكين الغبن

السؤال

هناك شركة محاصة بين شريكين منذ أربعين سنة بمبلغ بسيط، ونمت حتى صارت بالملايين، ثم أراد الشريكان فصل الشراكة بإرادتهما، واتفقا مبدئيًا على الفصل وتوزيع أصول الشركة، على أن يأخذ الشريك الأول العمل التجاري المتقلب والديون والمخزون ذات المخاطر العالية، وأن يأخذ الشريك الثاني العقارات والاستثمارات، وبالفعل شَرَعَا في تنفيذ ما تمَّ الاتفاق عليه، وبعد فترة عاد الشريك الأول على الشريك الثاني بطلب إعادة النظر في التوزيع الذي تم؛ حيث إنه ظلم وغبن؛ لأن الشريك الثاني أخذ الأصول الثابتة، وهو أخذ الأصول المتداولة ذات المخاطر العالية، فهل يجوز للشريك الأول الرجوع على الشريك الثاني، وطلب إعادة النظر في التوزيع، وفيما قد بدءا في تنفيذه بموجب الاتفاق المبدئي؛ حيث لم تتم المخالصة وإبراء الذمة بينهما؟ أم لا يجوز كما في قاعدة البيعان بالخيار ما لم يفترقا؟ هذا أولاً.
أما ثانيًا: وفي حالة موافقة الشريك الثاني على طلب الشريك الأول بإعادة النظر في التوزيع، ثم توفي ورفض ذلك ورثة الشريك الثاني. فما الحكم؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دام الشريكان قد تراضيا على تقسيم الشركة بينهما، وقد اختار كل منها جزءًا مما اسثتمرا فيه المال، وتفرقا على ذلك، فلا تنقض القسمة لدعوى أحدهما الغبن فيها، قال الباجي في المنتقى: وأما قسمة المراضاة بغير تقويم ولا تعديل، فهو أن يتراضى الشركاء على أن يأخذ كل واحد منهم ما عين له، ويتراضوا به من غير تقويم ولا تعديل، فهذه القسمة تجوز في المختلف من الأجناس، ولا قيام فيها لمغبون؛ لأنه لم يأخذ ما صار إليه على أنه على قيمة مقدرة ولا ذرع مقدر ولا على أنه مماثل لجميع ما كان له، وإنما أخذه بعينه على أن يخرج بذلك عن جميع حقه، سواء كان أقل منه أو أكثر، وهذا الضرب أقرب إلى أنه بيع من البيوع. اهـ.

ولا يؤثر في القسمة كون بعض ما اختاره أحد الشريكين يتضمن ديونًا، جاء في مجلة مجمع الفقه الإسلامي: وإذا كانت الديون بحد ذاتها لا تباع إلا مثلًا بمثل، فإن هذه الديون إذا كانت جزءًا من موجودات مختلطة مع النقود والأعيان فإنها تصبح قابلة للبيع؛ ولذا جاز في المخارجة، وهي بيع الوارث نصيبه في التركة، مع أن فيها ديونًا ونقودًا ومنافع؛ لأنها مختلطة بعضها مع بعض، وكذلك جاز لمالك السهم أن يبيع سهمه في الشركة مع أن هذا السهم يمثل حصة في موجودات الشركة كلها بما يدخل فيها من نقود وديون وأعيان. اهـ.

لكن لو كان الشريكان قد تراضيا على رد القسمة الأولى وأبرما قسمة ثانية ثم تفارقا على ذلك، فليس للورثة الرجوع عنها؛ للزومها بالتفرق كالبيع، وأما لو كان ما حصل من الشريك الثاني مجرد وعد بإعادة النظر في القسمة الأولى، وقد مات الشريك قبل إنجاز هذا الوعد والقسمة، فللورثة تنفيذ ما وعد به مورثهم من إعادة النظر فيها، أو عدم ذلك، والقسمة السابقة على نحو ما تقدم على ما هي عليه، وعدم توثيق ذلك لا يؤثر فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني