الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكلام مع الأجنبية هل يصل لدرجة الكبائر

السؤال

هل الموسيقى مجمع على تحريمها العلماء؟
وهل محادثة الشباب كتابة أو صوتًا على الإنترنت من الكبائر؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد حكى جماعة من أهل العلم الإجماع على تحريم استماع المعازف، منهم الإمام القرطبي, وابن الصلاح, وابن رجب, وابن القيم, وابن حجر الهيتمي, قال الإمام القرطبي: "أما المزامير والأوتار والكوبة - الطبل - فلا يختلف في تحريم استماعها، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك, وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسق, ومهيج الشهوات والفساد والمجون! وما كان كذلك لم يشك في تحريمه، ولا تفسيق فاعله وتأثيمه". انتهى نقله ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر, وانظر فتوانا رقم: 54316, ويكفينا أنه قد قال صلى الله عليه وسلم: "ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" رواه البخاري، فدل هذا الحديث على أن المعازف - آلات اللهو والموسيقى - حرام لدلالة كلمة يستحلون، وهي لا تكون إلا للمحرم, كما أن جعلها مع الحِرِ - الفرج - الذي هو هنا كناية عن الزنا دال دلالة واضحة على التحريم.

وأما المحادثة بين الجنسين في الإنترنت فلا يخفى ما فيها من المفاسد, وفتح باب الشرور, ووقوع ما لا تحمد عقباه من المصائب, وجلب العار للفرد أو أسرته, فضلًا عما فيه مما يغضب الله تعالى, ويضيع على الإنسان وقته الذي هو رأس ماله في سيره إلى الله تعالى, وهو مسئول عنه يوم القيامة, لأجل ذلك كله حرم ومنع, وإنما أجاز بعض أهل العلم الحديث بين الجنسين إذا كان لحاجة وبضوابط شرعية مرعية لا تتوفر أكثرها, ولا يمكن أن تراعى في المحادثة في النت, وهذا أمر مجرب ومشاهد, وانظر فتوانا رقم: 105236.

وأما عن حكم هذه المحادثة فهي إن جرَّت إلى حرام فهي حرام؛ لأن الوسائل لها حكم المقاصد, لكن لا تكون كبيرة ولو أدت إلى كبيرة لكنها تبقى على الحرمة؛ لأن للوسائل حكم المقاصد من حيث الحرمة والوجوب ونحوهما لا رتبها, قال السعدي في شرح منظومته في القواعد: " وأَمَّا المحرَّمُ فمنهُ الشِّركُ الأكبرُ، وهوَ الشِّركُ في العبادةِ، فيحرمُ كلُّ قولٍ وفعلٍ يُفضِي إليهِ، ويكونُ وسيلةً قريبةً إليهِ، ويكونُ شركًا أَصْغرَ، مثلَ: الحلفِ بغيرِ اللهِ، وتعظيمِ القبورِ والتَّبرُّكِ بِهَا، الَّذي لمْ يبلغْ رتبةَ العبادةِ؛ لأَنَّهُ ذريعةٌ لعبادتِهَا, وكذلكَ الوسائلُ إلى سائرِ المعاصِي، كالزِّنَا، وشربِ الخمرِ، ونحوِهَا، فالوسائلُ إليهَا محرَّمةٌ، والوسيلةُ إلى المكروهِ مكروهٌ".

وقد عد الفقهاء النظرة والكلام مع الأجنبية ونحوهما مما هي مقدمات للزنا من الصغائر, وهي محرمة, مع كونها وسائل مفضية إلى الزنا, وهو من كبائر الذنوب, ولا ينبغي للمسلم استصغار الذنب بحجة أنه من الصغائر, فالاستهانة بالصغيرة تصيرها كبيرة, وقد قيل:لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني