الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المريض إذا أخرج كفارة ما أفطره من رمضان بدون قضاء

السؤال

زوجتي لم تصم 4 رمضانات متتالية بسبب الحمل والرضاع, وكانت تخشى على نفسها التعب من الصيام، ثم بعد ذلك في شهر رمضان الخامس أصيبت بمرض السرطان - حفظكم الله منه والمسلمين أجمعين - وبالتالي لم تصم ذلك الشهر أيضًا بسبب العلاج, وعندما تعافت دخل عليها رمضان السادس ولكنها صامته - والحمد لله - فما حكم هذه الرمضانات جميعًا؟ هل فيها القضاء مع الكفارة, أم القضاء فقط, أم الكفارة فقط؟ علمًا بأنها قد أطعمت عن الرمضانات الأربع الأولى, لكن دون أن تقضي، فهي ما زالت لم تقض أي شيء منها، وهل يجوز أن أصوم بالنيابة عنها أم أن ذلك يجوز عمن مات فقط؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فنقول ابتداء: لا حرج على تلك المرأة فيما أفطرته بسبب الحمل أو الرضاع أو المرض, ويلزمها قضاء ما أفطرته من تلك الرمضانات, ولا يسقط عنها القضاء مع قدرتها على الصيام, وما أفطرته منها خوفًا على نفسها فقط وليس على الولد يلزمها قضاؤه من دون كفارة, وما أفطرته خوفًا على الولد فقط يلزمها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، هذا هو الأحوط، وهو مذهب الشافعية والحنابلة, وهو المفتى به عندنا, وانظر الفتوى رقم: 113353 عن مذاهب العلماء في الحامل والمرضع إذا أفطرتا.

وإذا كانت قد تمكنت من القضاء ولم تفعل حتى دخل عليها رمضان آخر.. فإن كانت جاهلة بحرمة التأخير فإنه لا تلزمها كفارة عن التأخير, وإنما يلزمها القضاء فقط, كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 123312.

وأما إن كانت عالمة بحرمة التأخير فإنها تلزمها كفارة عن كل يوم تقضيه, ولا بأس بإخراج تلك الكفارة مع القضاء أو بعده أو قبله, قال المرداوي في الإنصاف - وهو حنبلي -: يُطْعِمُ مَا يُجْزِئُ كَفَّارَةً, وَيَجُوزُ الْإِطْعَامُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ. اهــ , فالأيام التي أخرجت كفارتها ولم تقضها يلزمها قضاؤها فقط, ولا تعيد الكفارة, ولا يجوز لأحد أن يصوم عنها, فقد أجمع أهل العلم على أنه لا يصوم أحد عن أحد في حياته، وأنه لو صام عنه ما أجزأه ولا أسقط عنه الواجب, قال الإمام النووي - رحمه الله - في شرحه على مسلم: وقال القاضي: وأصحابنا أجمعوا على أنه لا يصلى عنه -أي الميت- صلاة فائتة، وعلى أنه لا يصام عن أحد في حياته، وإنما الخلاف في الميت. اهــ.
وقال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: ولا يصح الصوم عن حي بلا خلاف معذورًا كان أو غيره. اهــ .
وانظر الفتوى رقم: 182395عن حكم تأخير قضاء الصوم إلى ما بعد رمضان التالي بلا عذر, والفتوى رقم: 158135 عن الكفارة اللازمة لمن أخر القضاء لرمضانات عديدة, والفتوى رقم: 140049 عن كيفية الإطعام في فدية الصيام, والفتوى رقم: 112468 في الصيام عن الميت.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني