الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما ينويه المصلي بالتسليمتين

السؤال

عندما أسلم في الصلاة وأقول السلام عليكم ورحمة الله فلمن أقول؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فإن السلام من الصلاة يراد به الخروج منها في الأصل, قال ابن قدامة في المغني: وَيَنْوِي بِسَلَامِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ, فَإِنْ لَمْ يَنْوِ؛ فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ نُطْقٌ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ الصَّلَاةِ؛ فَاعْتُبِرَتْ لَهُ النِّيَّةُ، كَالتَّكْبِيرِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ ... اهــ
وكذلك ينوي المصلي بسلامه السلام على من بيمينه ويساره والملائكة ومسلمي الجن, جاء في المغني لابن قدامة: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَنْوِي بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ مَعًا الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ, فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ إنْ كَانَ إمَامًا، أَوْ عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ إنْ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا بَأْسَ, نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ: يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ، وَيَنْوِي بِسَلَامِهِ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ .... وَقَالَ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْمُسْلِمِ - مِنْ أَصْحَابِنَا -: يَنْوِي بِالْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ, وَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ السَّلَامَ عَلَى الْحَفَظَةِ وَالْمَأْمُومِينَ إنْ كَانَ إمَامًا، وَالرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْحَفَظَةِ إنْ كَانَ مَأْمُومًا ... اهــ

وجاء في نهاية المحتاج للرملي الشافعي: نَاوِيًا السَّلَامَ بِمَرَّةِ الْيَمِينِ الْأُولَى عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ, وَبِمَرَّةٍ الْيَسَارَ عَلَى مَنْ عَنْ يَسَارِهِ, وَبِأَيِّهِمَا شَاءَ عَلَى مُحَاذِيهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَمُؤْمِنِي إنْسٍ وَجِنٍّ سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْمُومًا أَمْ إمَامًا, أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيَنْوِي بِهِمَا عَلَى الْمَلَائِكَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ, وَعَلَى مُؤْمِنِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ, وَيَنْوِي الْإِمَامُ زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ السَّلَامَ عَلَى الْمُقْتَدِينَ, مَنْ عَنْ يَمِينِهِ بِالْأُولَى، وَمَنْ عَنْ يَسَارِهِ بِالثَّانِيَةِ، وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ. اهــ

وجاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَيَقْصِدُ الْإِمَامُ بِهَا: أَيْ: بِالتَّسْلِيمَةِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ, وَالسَّلَامِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُقْتَدِينَ، وَيَقْصِدُ الْفَذُّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيُسَلِّمُ أَوَّلًا تَسْلِيمَةً يُشِيرُ بِهَا إلَى يَمِينِهِ, ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ يَبْتَدِئُ بَعْدَهَا بِالرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ, أَوْ بِالسَّلَامِ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْمُصَلِّينَ ..... وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَالْمَأْمُومُ يُسَلِّمُ اثْنَتَيْنِ، يَنْوِي بِالْأُولَى التَّحْلِيلَ, وَبِالثَّانِيَةِ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ, وَإِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ نَوَى الرَّدَّ عَلَيْهِ ..... وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَعِنْدَنَا لَا يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ تَسْلِيمَةَ التَّحْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَكَلِّمِ فِي الصَّلَاةِ، انْتَهَى, وَاَلَّذِي فِي الطِّرَازِ بَعْدَ أَنْ حَكَى عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَنْوِي الْمَأْمُومُ بِالْأُولَى التَّحْلِيلَ وَالْحَفَظَةَ وَالْإِمَامَ إنْ كَانَ عَلَى يَمِينِهِ وَمَنْ عَلَى يَمِينِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ, وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ سَلَامٌ يَتَحَلَّلُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ تَحِيَّةَ مَخْلُوقٍ وَلَا مُخَاطِبَهُ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مِنْ عَابِرِي السَّبِيلِ أَوْ التَّحِيَّةَ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ غَيْرِ الْمُصَلِّينَ. اهــ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني