الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إطلاق البصر.. آفاته.. والعون على اجتنابه

السؤال

أنا شاب كنت أغض بصري إلى أقصى حد, ولكني فجأة - ولا أعلم السبب - أجد نفسي منذ أسابيع أنجرف في مسألة عدم غض البصر, بل والتمادي في إطلاق البصر, فهل من نصائح؟ وأتمنى إخباري بعقوبة عدم غض البصر؛ لأن الشيطان يقلل الذنب في أعين العباد ليتمادوا فيه, وأتمنى الدعاء لي بظهر الغيب, وهناك سؤال يحيرني: هل الزواج هو علاجي أم أنه ليس بالضرورة؟
والسؤال الثاني – باختصار -: إذا أصاب رجلي قطرات قليلة من النجاسة, فهل يكفي المسح عليها بعد أن أَبُلَّ يدي عدة مرات - حيث إن ما أمسحه من المؤكد أن يختلط بالماء, وينزل على باقي رجلي - أم يجب غسلها كلها؟
أرجو الرد عليّ بأسرع ما يمكن, وجزاكم الله عز وجل عنا خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فأما عن غض البصر: فلا شك أن إطلاق البصر فيما حرم الله تعالى ذنب تجب التوبة منه, والإصرار عليه عاقبته وخيمة, ونصيحتنا لك ولكل من لا يغض بصره تتلخص فيما يلي:

أولًا: ننصحك بتقوى الله تعالى, واستحضار مراقبته وعظمته, والوقوف بين يديه جل في علاه, وأن تعلم أنه يراك, ويعلم خائنة عينيك, فإذا استحضرت ذلك فنرجو أن يكون عونًا لك على غض البصر.

ثانيًا: السعي في الزواج, وهذا من أنفع السبل في البعد عما حرم الله تعالى, كما يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ. متفق عليه, والمعنى: أن الزواج أَخْفَض وَأَدْفَع لِعَيْنِ الْمُتَزَوِّج عَنْ النظر إلى الْأَجْنَبِيَّات, وأحفظ للفرج عن الوقوع في المحرمات، وفي هذا جواب عن سؤالك هل الزواج هو علاجي ..؟

ثالثًا: الحرص على الصوم, فإنه يقلل الشهوة, ويذهب جذوتها, ويخمد لهيبها؛ ولذا جاء في تتمة الحديث السابق: " وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِالصَّومِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " والمعنى: أَن الصومَ يَقْطَعُ النِّكاحَ, كما يَقْطَعُه الوِجَاءُ, الذي هو: رض الخصيتين.

رابعًا: إذا نظرت إلى امرأة فاصرف نظرك, وتفكر فيما يستقبح من أمر النساء, فإن المرأة تبول وتتغوط, وتصيبها الروائح الكريهة, فإذا خطر ذلك ببالك عافتها نفسك, وقد روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: إذا أعجبت أحدكم امرأة فليذكر مناتنها. وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم – بسند قال عنه الألباني: رجاله ثقات - في الرجل يرى المرأة فتعجبه قال: يذكر مناتنها. قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - في ذم الهوى: ولقد بلغنا أن رجلًا عشق امرأة فمد يده إليها مع طيش, فقالت له: تأمل أمرك, أتدري ما تريد أن تصنع؟!! إنما تريد أن تبول في بالوعة لو شاهدت داخلها لوجدته أنتن من الكنيف! فبرد وسكن ولم يعاود, وقال أبو نصر بن نباتة:

ما كنت أعرف عيبَ مَن أحببته ... حتى سلوتُ فصرتُ لا أشتاقُ

وإذا أفاق الوجدُ واندمل الهوى ... رأت القلوبُ ولم تر الأحداقُ . اهــ

خامسًا: تذكر ما يُفوته عليك إطلاق البصر في المحرمات من الفوائد والثمرات العظيمة, وانظرها في الفتوى رقم: 78760 بعنوان "ثمرات وفوائد غض البصر".

سادسًا: احذر من الاسترسال مع الخطرات والوساوس التي تهيج الشهوة وتوقد نارها, واجتهد في دفع تلك الخطرات, وابتعد عن كل ما يثير الشهوة: من النظر في القنوات الفضائية, والصور ونحوها, وأشغل نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك, ونسأل الله أن يطهر قلبك ويحصن فرجك.

وأما مسح النجاسة باليد بعد بلها: فإن هذا لا يحصل به التطهير, ومجرد المسح ببل اليدين لا يكفي.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني