الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التطهر من المذي والودي

السؤال

هل يلزم غسل الذكر وخصيتي قبل الوضوء إذا خرج المذي أو الودي؟ وماذا لو غسل الذكر والخصيتين بعد الوضوء, إذا فرضنا أن إعادة الوضوء لمسِّ الذكر مستحب فقط, أو لم يمس ذكره أثناء غسله؟ هل يشترط تقديم الغسل عن الوضوء؟ وهل يشترط الذكر والعلم بالحكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإجابة عن سؤالك ستكون في النقاط التالية:

1ـ الودي ماء أبيض يخرج بعد البول, وهو نجس, وله حكم البول, ولا يلزم منه غسل الذكر, ولا الخصيتين, قال ابن قدامة في المغني: وَأَمَّا الْوَدْيُ، فَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ عَقِيبَ الْبَوْلِ خَاثِرٌ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَوْلِ سَوَاءً؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَجَارٍ مَجْرَاهُ. انتهى, وراجع المزيد في الفتوى رقم: 165259.

2ـ المذي نجس, وناقض للوضوء, والواجب عند أكثر أهل العلم غسل موضع النجاسة فقط, ولا يجب غسل الذكر كله, والخصيتان من باب أولى في عدم وجوب الغسل جاء في المجموع للنووي: ولهذا أمر بغسل الذكر, والواجب منه موضع النجاسة فقط, هذا مذهبنا, ومذهب الجمهور, وعن مالك, وأحمد, رواية أنه يجب غسل كل الذكر, وعن أحمد رواية, أنه يجب غسل الذكر والأنثيين, دليلنا ما روى سهل بن حنيف - رضي الله عنه - قال: (كنت ألقى من المذي شدة وعناء, فكنت أكثر من الغسل, فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنما يجزئك من ذلك الوضوء). رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح, وعن علي - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من المذي الوضوء). قال الترمذي: حديث حسن صحيح, وأما الأمر بغسل الذكر في حديث المقداد فعلى الاستحباب, أو أن المراد بعض الذكر وهو ما أصابه المذي. انتهى

وفى المغنى لابن قدامة: والرواية الثانية، لا يجب أكثر من الاستنجاء والوضوء, روي ذلك عن ابن عباس، وهو قول أكثر أهل العلم، وظاهر كلام الخرقي؛ لما روى سهل بن حنيف، قال: «كنت ألقى من المذي شدة وعناء، فكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما يجزئك من ذلك الوضوء" أخرجه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح, ولأنه خارج لا يوجب الاغتسال، فأشبه الودي، والأمر بالنضح وغسل الذكر والأنثيين محمول على الاستحباب؛ لأنه يحتمله. انتهى

3ـ نقض الوضوء بمس الذكر هو الذى عليه جمهور أهل العلم, وهو القول الراجح, وعلى هذا القول فلو توضأ الشخص ومس ذكره أثناء غسله مع الخصيتين فقد بطل وضوؤه, أما على القول بعدم نقض الوضوء بمس الذكر أو لم يمس الشخص ذكره أثناء غسله مع الخصيتين فالوضوء صحيح.

4ـ إذا أراد الشخص غسل ذكره وأنثييه لأجل خروج المذي فيشترط ـ عند الجمهور ـ لصحة الوضوء أن يكون ذلك الغسل قبل الوضوء, وكذا عند الشافعية إذا كان سيلمس ذكره.

5-وفى حال ما إذا لمس ذكره بعد الوضوء جاهلًا لكونه مبطلًا للوضوء فلا تلزمه إعادة الصلاة عند بعض أهل العلم, جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وعلى هذا: لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص, مثل أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ, ثم يبلغه النص, ويتبين له وجوب الوضوء, أو يصلي في أعطان الإبل, ثم يبلغه ويتبين له النص, فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان: هما روايتان عن أحمد, ونظيره أن يمس ذكره, ويصلي ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر, والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان, ولأنه قال: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني