الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الدلالة على سائقين لنقل البضائع يدفعون رشوة لتفادي الجمارك

السؤال

أعرف شخصًا يبيع بضائع خاصة من خارج بلد إسلامي لداخله، أي: أنه يكون في الخارج لكن المشترين يكونون من داخل البلد الإسلامي,
فيطلبون منه أن يدلهم على سائقين يمكنهم إيصال البضاعة منه إليهم، ولا يعرف من السائقين إلا من لا مشكلة لديه في دفع الرشوة عند حدود البلد, مع العلم أنهم مخيرون بين الرشوة والمكس (التعشير), وهو يتبع قول الألباني أن المكس أخف من الرشوة, وإن لم يدل المشترين على سائقين موثوقين فقد لا يشترون منه لغياب وسيلة الإيصال الموثوقة مع غلاء البضاعة، فهل يجوز له أن يدل المشترين على سائقين يعلم أنهم يدفعون الرشوة دون مشاكل؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج على التاجر المذكور في دلالة المشترين على من يوصل لهم بضاعتهم, وكون السائقين قد يتعاملون في طريقهم تعاملًا غير مشروع, فإن ذلك لا يحرم عليه الدلالة عليهم, والتعامل معهم تعاملًا مشروعًا, وما يفعلونه من تلقاء انفسهم مما لا يجوز فإثمه عليهم, وينبغي أن ينصحهم بتقوى الله عز وجل، هذا مع أنه قد ذكر ان ما يأتونه من الرشوة إنما هو لدفع الظلم, والتحايل على المكس المحرم - كما وصف في السؤال - وإذا كان كذلك فلا تسمى رشوة في حقهم؛ لأن الرشوة ما دفع لأخذ حق الغير, أو التهرب من دفع حق واجب.

وقد بينا في فتاوى سابقة أن ذلك النوع من الضرائب إذا كان في غير مقابل، أو في مقابل خدمات لا تبلغ الرسم الجمركي، فإنها حينئذ داخلة في المكس، وهو ما يفرض على التجار عند مرور بضائعهم عبر المنافذ, قال في الإنصاف: ويدخل فيه -أي الغصب- ما أخذه الملوك والقطاع من أموال الناس بغير حق من المكوس وغيرها. اهـ

وفي هذه الحالة لا حرج في دفع الظلم بالأخف - وهو هنا مصانعة المسئول بمال أقل لئلا يفرض المكس المحرم الكثير - وهذا فيما إذا كان لا يترتب على بذل الرشوة ضرر أكبر منها, عملًا بقاعدة ارتكاب أخف الضررين، فيجوز فعل الأخف لدفع الأشد.

وكون التاجر يأخذ بفتوى عالم أو اجتهاد مجتهد فإن ذلك لا يمنع التعامل مع من لا يرى ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني