الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجر الصديق المؤذي ليس أول خيار

السؤال

حدثت مشادة بيني وبين زميل لي في العمل, وكادت تصل بنا إلى العراك بالأيدي, وذهبت إليه, وقلت له: يجب أن ننسى هذه المشاكل, ولا نريد أن يدخل الشيطان بيننا, فقال لي: أنا أحتاج وقتًا لكي أنسى هذه المشاكل, وعلمت أخيرًا أنه يريد أن يتصل بإدارتي في الشركة لكي يقول عني كلامًا غير حقيقي, وأنا الآن لا أطيق هذا الشخص ولا أحبه, وأريد أن لا ألقي عليه السلام, وأتجنبه تمامًا, فهل يجوز ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أنه لا يجوز هجر المسلم لأخيه أكثر من ثلاث ليال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال, يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه, وعده بعض العلماء من كبائر الذنوب, قال الحجاوي في نظم الكبائر: قيادة ديوث نكاح محلل وهجرة عدل مسلم وموحد.

لكن يجوز الهجر إن حصل بالمكالمة ضرر، قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصًا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. أهـ.

والهجر يزول بالسلام، فمن تأذيت منه فلا يلزمك أن تمد جسور العلاقة معه، بل لك أن تكتفي بالسلام عند لقائه، وبهذا تخرج عن الهجر المحرم.

وينبغي أن تسعى في زوال الشحناء بينكما، فالشحناء من أسباب تأخير المغفرة، كما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا. أخرجه مسلم.

واعلم أن في العفو خيرًا لك, وأنه يزيدك عزًا وكرامة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: .. وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا. أخرجه مسلم.

كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. النور:22}، وانظر الفتويين 139574 27765.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني