الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجران من خان الأمانة بأمر الوالد

السؤال

عندي صديق أخل بأمانة أمنته عليها, فأمرني الوالد ألا أكلمه؛ ومنذ سنة إلى اليوم لم أكلمه، فهل أدخل في حديث: "من لم يكلم صاحبه ثلاثة أيام"؟ أم أن ما فعلته صحيح لأني أطعت والدي؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهجرك لهذا الصديق وإعراضك عنه لهذه المدة كاملة لمجرد كونه خان لك أمانة لا يجوز؛ لأن الهجر فوق ثلاث إنما يحل عند خوف الضرر في المخالطة، فقد نقل الحافظ ابن حجر عن الحافظ ابن عبد البر قوله: وأجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث، إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد عليه دينه, أو يدخل منه على نفسه أو دنياه مضرة، فإن كان كذلك جاز، ورب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.

وقال ابن بطال: معنى الهجرة هو: ترك الرجل كلام أخيه مع تلاقيهما واجتماعهما, وإعراض كل واحد منهما عن صاحبه مصارمة له, وتركه السلام عليه، وذلك أن من حق المسلم على المسلم إذا تلاقيا أن يسلم كل واحد منهما على صاحبه، فإذا تركا ذلك بالمصارمة فقد دخلا فيما حظر الله، واستحقا العقوبة إن لم يعف الله عنهما.

فالواجب عليك الآن: أن ترفع هذا الهجر الحاصل بينكما بالسلام والكلام, وتستغفرا لبعضكما البعض، بل الأحوط في رفع الهجر أن تعود الأمور بينكما إلى ما كانت عليه، قال الحافظ ابن حجر: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده، وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولًا، وقال أيضًا: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم.

ولكن إذا كنت تخشى غضب والدك, فلا بأس أن تكتفي بالسلام على صديقك, وبذلك تجمع بين اتقاء غضب الوالد ورفع الهجر بينك وبين صديقك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني