الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قضاء الدين بعملة أخرى جائز بشروط

السؤال

إذا كان هناك مبلغ مستحق على شخص بقيمة 48 دينارًا, وقام هذا الشخص بدفع مبلغ 100 دولار أمريكي، وقال: (اعتبرهم يعادلون مبلغ 70 دينارًا)، فيبقى له - بناء على قوله - 22 دينارًا، إلا أنني - ومن باب الاحتياط - أعطيته 23 دينارًا لعلمي أن سعر الصرف سيكون أكثر من 70 دينارًا، وعندما قمت بصرف الدولار كان 70 دينارًا و80 قرشًا، أي أن ظني كان في محله، فلي عنده 20 قرشًا، ولكن السؤال هو: هل يجوز اعتبار السعر الذي افترضه الشخص ابتداء - 70 دينارًا - مقبولًا، بغض النظر عن علمي بسعر الصرف الفعلي - سواء كان أعلى أو أقل -؟ وهل يجوز لي - من باب تسهيل عملية الصرف مستقبلًا - أن أعتمد أن سعر صرف 100 دولار هو 70 دينارًا؟ وذلك أسهل للحساب بغض النظر عن سعر الصرف الفعلي, وذلك بأن أقول له: (المئة دولار تعادل 70 دينارًا، فيكون لك عندي كذا وكذا) دون أن أحصل على موافقة صريحة منه على ذلك, وبحيث يكون فرق السعر لي حلالًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن استحق عليه دين وأراد سداده فاتفق مع صاحبه حين السداد على أن يقضيه دينه بعملة غير عملة الدين فلا حرج في ذلك؛ لأن الصرف على ما في الذمة بعد الحلول كالصرف على ما في اليد، قال المرداوي في الفروع: ويجوز اقتضاء نقد من آخر, على الأصح, إن حضر أحدهما, والآخر في الذمة مستقر بسعر يومه, نص عليه؛ لخبر ابن عمر في بيع الإبل بالبقيع, والخبر المشار إليه هو ما ورد في السنن عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع أبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: لا بأس به إذا كان بسعر يومه ولم تفترقا وبينكما شيء. ففي هذا الحديث بيان أنه لا يجوز للشخص أن يأخذ عن دينه الذي في ذمة الآخرين عملة أخرى إلا إذا قبضها في المجلس الذي تم فيه الاتفاق على الاعتياض, وتكون بسعر يومها, قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهكذا قد نص أحمد على ذلك في بدل القرض, وغيره من الديون إنما يعتاض عنه بسعر يومه؛ لئلا يكون ربحا فيما لا يضمن.

فمن لزمته دنانير جاز له أن يدفع عنها مقابلها بالدولار, إذا رضي صاحب الحق, شريطة أن يكون سعر الصرف هو سعر يوم السداد, لا سعر يوم لزوم الدين في ذمة آخذه.

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في شرح الزاد: مثال كونها بسعر يومها: إذا قدرنا أن عشرة دنانير قيمتها في السوق مائة درهم, فأبيعها عليه بمائة درهم لا أزيد ولا أنقص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بسعر يومها»، فلو بعت الدنانير بمائة وعشرة فهذا لا يجوز؛ لأني ربحت عشرة في شيء في ذمة البائع لم يدخل في ضماني إلى الآن... والله أعلم.

هذا؛ ولا يجوز الاتفاق المسبق على أن الدين سيقضى بعملة أخرى؛ لأن هذا من الصرف المؤجل وهو ربا.

وإذا دفع المدين لك 100 دولار وكانت أكثر من دينك، فإنك تستوفي منها الدين بسعر اليوم، ويكون الفاضل من عملة المدين - الدولار - أمانة عندك, فتحفظه له كما هو.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني